يشهد الربع الأول من كل عام، مقارنة بالفترة الباقية من العام، أكبر مقدار من إفصاح الشركات المدرجة في البورصات عن نتائجها المالية، وذلك للربع الأخير من العام السابق وللعام السابق ككل. ويشهد الربع الأول أيضاً إفصاح الشركات عن قرارات مجالس إداراتها في شأن نسب الأرباح السنوية الموزعة على المساهمين، سواء الأرباح النقدية أو الأسهم المجانية، إضافة إلى كمية كبيرة من المعلومات التي يفصَح عنها خلال الجمعيات العمومية السنوية، رداً على الاستفسارات المختلفة للمساهمين. وتساهم هذه الإفصاحات عادة في حفز الطلب أو العرض في أسواق المال وفي ترشيد قرارات المستثمرين، ويلاحَظ ارتفاع قيمة التداولات خلال هذه الفترة، إضافة إلى مبادرة عدد كبير من المستثمرين إلى إعادة توظيف جزء من أرباحهم الموزعة في أسواق المال. وخلال الربع الأول من هذا العام تحديداً، يلاحَظ تركيز المستثمرين والمضاربين في أسواق المنطقة على العوامل الأساسية المتعلقة بأداء الاقتصادات الوطنية، وأداء قطاعاتها المختلفة، بالإضافة إلى أداء الشركات المدرجة، بعكس ما حدث خلال الأرباع الأولى من الأعوام الثلاثة الماضية، حين تابع المستثمرون المؤشرات الاقتصادية العالمية وتحركات أسواق الأسهم العالمية، هذا ناهيك عن تأثر أسواق المال في المنطقة سلباً بالأحداث الجيوسياسية ل «الربيع العربي» وأزمة الديون السيادية الأوروبية وقادت سوق الأسهم السعودية، كبرى أسواق المنطقة استناداً إلى القيمة السوقية البالغة 410 بلايين دولار، موجة التفاؤل في أسواق المنطقة، ما ساهم في تحسن كبير في نمو ربحية الشركات المدرجة، إضافة إلى استمرارية ارتفاع أسعار النفط الذي يترك تأثيرات إيجابية مختلفة، يأتي في مقدمها ارتفاع دخل الحكومة من العملات الصعبة وانعكاس ذلك إيجاباً على الإنفاق الحكومي، إضافة إلى الانعكاسات الإيجابية على حجم الودائع لدى المصارف، وتعزيز ميزان المدفوعات. وقفز مؤشر سوق الأسهم السعودية بنسبة 23 في المئة ليعوض جزءاً من الخسائر المتراكمة والناتجة من التأثيرات السلبية لأزمة المال العالمية، وأزمة الديون الأوروبية. وتزامن ارتفاع مؤشر السوق مع تحسن ونمو تدريجيين في قيمة التداولات في السوق إذ حفز ارتفاع الأسعار نسبة مهمة من المضاربين إلى العودة إلى السوق، ما أنتج ارتفاعاً قياسياً في الأسعار، إلى جانب قيمة التداولات التي تجاوزت في بعض الأيام حاجز 15 بليون ريال (أربعة بلايين دولار). وأدى ذلك إلى صدور تحذيرات عن محللين ومستشارين ماليين من شراء عشوائي من جانب صغار المضاربين قد يؤدي إلى موجة هبوط قاسية تكبدهم خسائر فادحة. وزادت قيمة التداولات في السوق السعودية من 45.7 بليون دولار خلال كانون الثاني (يناير) الماضي إلى 66.94 بليون خلال شباط (فبراير) و85.9 بليون خلال آذار (مارس). وتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز محذراً من مخالفات ترتكب في السوق بعد عودة نسبة مهمة من المستثمرين والمضاربين إلى السوق، سعياً للحفاظ على حقوق صغار المستثمرين في السوق إذ تعرض عدد كبير منهم إلى خسائر جسيمة بعد التصحيحات القوية التي تعرضت لها السوق مع بدء أزمة المال العالمية. وحقق مؤشر سوق دبي أيضاً إنجازات مهمة خلال الربع الأول من العام ليعوض أيضاً جزءاً من الخسائر الضخمة التي تعرض لها خلال السنوات الأربع الماضية فارتفع مؤشر السوق بنسبة 24 في المئة. وكان للمضاربين دور أيضاً في تعزيز أداء مؤشرات السوق بينما ارتفع مؤشر سوق أبو ظبي لأوراق المال بنسبة 6.5 في المئة ومؤشر سوق الكويت بنسبة ستة في المئة. ومع بداية نيسان (أبريل) والانتهاء من تفاعل الأسواق مع نتائج الشركات وتوزيعاتها عن العام الماضي، تتحول نتائج الشركات عن الربع الأول من العام إلى الحافز المقبل للأسواق. ويتوقَّع أن تبدأ الشركات بالإفصاح عن بياناتها المالية اعتباراً من بداية الأسبوع المقبل مع الأخذ في الاعتبار مراعاة عدم حدوث أي تطورات سياسية أو اقتصادية أو مالية سلبية سواء إقليمية أو عالمية يكون لها تأثير سلبي في معنويات المستثمرين في المنطقة وفي الثقة في الاستثمار في أسواق المال. ويساهم الانخفاض الكبير في أسعار الفائدة على الودائع بالدولار والعملات المرتبطة به، في تحول عدد كبير من المودعين إلى أسهم الشركات القيادية والتي تميزت بارتفاع توزيعاتها بفضل ارتفاع ريع أسهم هذه الشركات. * مستشار لأسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»