أكد أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور علي النملة، أن الاستشراق هو قناة تواصل من دون إغفال أنه استخدم أيضاً لأغراض غير علمية، نافياً الاتهامات التي طاولت بعض المستشرقين أنهم ينشرون ما يعيب من حضارتنا فقط. وقال إن هذا غير واضح ويجب أن نكون على قدر من الإنصاف، «فالاستشراق وإن لم يكن عملاً فردياً، وإنما يتم وفق جمعيات وتكتلات، لكنه تكتل إيجابي وليس مؤامراتياً». مضيفاً أن الكتابات عنه لا تزال قائمة، إذ يتطور الاستشراق مع المشكلات، وتسيطر عليه الأحداث، وهو ما دعا لبروز ما يعرف بالاستشراق الصحفي، قبل أن يشير إلى ظهور استشراق متجدد وليس جديداً (neo) كما أن ما يعرف بما بعد الاستشراق». جاء ذلك في محاضرة قدمها في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بعنوان: (الاستشراق بين صورتين: قناة تواصل أم آلة صراع؟) مساء الإثنين الماضي، وفيها قدم نقداً للاستشراق محاولاً الوصول إلى إجابة عن سؤال: هل قامت حركة الاستشراق لتأجيج الصراع بين الشرق والغرب، أم للحوار ونشر الحضارة؟ مستهلاً الإجابة على أن الاستشراق مفهوم غير واضح وقلق، «إذ إنه ليس من اليسير تحديد مفهومه»، مضيفاً أننا نحتاج إلى تحرير مصطلحه، بتعريفه إجرائياً على أنه «اشتغال غير المسلمين بعلوم المسلمين»، وكذلك تحرير مصطلح الغرب، «فكما قسم الغربيون الشرق إلى أدنى وأوسط وأقصى، فإن الأمر ينطبق على الغرب الذي يمكن تقسيمه وفقاً لطبيعة اندماجه مع الشرق إلى أدنى مثل دول البلقان، وأوسط مثل دول أوروبا الغربية، وأقصى مثل أميركا». وفصل المحاضر في الدراسات العربية التي عنيت برصد الاستشراق من مقالات مجلة الهلال (1930) ودراسة أنور عبدالملك: الاستشراق في أزمة (1960)، ودراسات وكتب عبدالله العروي وإدوارد سعيد، الذي أخذ كتابه على أنه نقد للاستشراق عموماً بينما هو مختص في الاستشراق السياسي. كما تناول المحاضر الدراسات الغربية عنه، مؤكداً أن الألمان هم أفضل من اشتغل على نقد الاستشراق كفرق دراسية وكتب، قبل أن يؤكد أن الرصد الفردي لا يكفي، إذ لا يستطيع فرد إجراء بحوث عنه وإنما يحتاج الأمر إلى فريق كما فعل الألمان. في المداخلات أجاب النملة على أسئلة حول الاختلاف الذي حدث في نشأة الاستشراق، من حيث تحديد مكانه بين العلوم والثقافات هل هو حركة أم ظاهرة أم تيار أم علم؟ كما أن هناك اضطراباً في مكانه من الفكر، وأسئلة أخرى عن مراحله وأنواعه.