تدور وقائع المسلسل السوري الجديد «زمن البرغوث» بين الأعوام 1915 – 1925، وهي تتخذ من «حوليات» سفر برلك ذريعة درامية لتبدأ الأحداث من هناك، وتكسر بذلك الرتابة التي شابت أعمال البيئة الشامية وفق الجهة المنتجة له، وهي شركة قبنض للإنتاج التلفزيوني التي أنتجت بعض الأعمال الدرامية المتفاوتة نصاً وإخراجاً مثل «باب المقام» و «لعنة الطين». بالطبع لن يفوت الجهة المنتجة في سياق تسويق فكرتها عن العمل أن تطلق فهمها «الجديد» لموضوعة الأخلاق والقيم الدمشقية الأصيلة، وهو ما دأبت عليه أساساً الأعمال الأخرى التي سبق لها أن تناولت هذه البيئة، لا بل إن بعضها كان يتخذ من هذه الموضوعة أهم ذريعة يمكن أن يستند إليها عمل بيئوي من هذا النوع قبل الولوج في أي من تفاصيله الأخرى التي لا تعود حكراً على أحد مع تبدل التيترات والوجوه وارتهان تطور الأحداث لتلك الرتابة المعهودة التي لا ينجو منها سوى من قيّض له أن يبتكر طريقة مختلفة في فن المشاهدة، وهذا أمر يكاد يكون مستحيلاً، تلفزيونياً على الأقل. و «زمن البرغوث» الذي يطمح كما يبدو من أقوال الشركة المنتجة أن يحل محل «باب الحارة» في رمضان المقبل، سيتعكز كثيراً على «بهارات» القيم الدمشقية الأصيلة، مستعيناً بكبار ممثلي الدراما السورية مثل أيمن زيدان وسلوم حداد ورشيد عساف وبسام كوسا وصباح الجزائري، مع فارق أن هؤلاء النجوم الذين كانوا يصورون أدوارهم فيه، استيقظوا في الواقع قبل أيام على لافتات معلقة في شوارع العاصمة السورية، مقدمة من قبلهم للمنتج محمد قبنض تسانده في ترشّحه لعضوية المجلس النيابي من دون علم أي منهم. لا بل إن النجم السوري زيدان كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» مندداً بخطوة المنتج قبنض، ومعتبراً أنها دلالة سيئة على بدء الانتخابات بهذه الطريقة، وكأنها سوق إجبارية لأداء أدوار ليست لهم. وكان لافتاً أن يقول زيدان إنه تداعى وسائر زملائه للبحث في كيفية الرد على المنتج الذي قام بمثل هذا العمل من دون مشاورتهم. ولعلمهم بأن الطريق إلى القضاء شائكة ومتعرجة، وقد تأخذ وقتاً طويلاً في الأخذ والرد، فإن الكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد تكفي مبدئياً للخروج من المأزق الدرامي الانتخابي الذي وضعهم فيه منتج «زمن البرغوث». وبصرف النظر، عما إذا كان المسلسل سيصور كل تلك القيم الشامية العريقة أم لا، فإن ما كتبه أيمن زيدان على صفحته يعكس مرارة شخصية، ودرامية، حتى من تجربة سابقة له هو كعضو في المجلس النيابي، وبالتالي تبدو محاولات منتج المسلسل الحديث عن هذه الأخلاق في مكان آخر، وكأنها تصلح لمسلسلات تدور في أزمنة أخرى، ليست بالضرورة من زمن البرغوث، المسلسل الذي تدور وقائعه الآن.