في وقت أبدت الحكومة المصرية تحفظات عن مشروع قانون أقرته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) أمس يحظر على أقطاب النظام السابق خوض انتخابات الرئاسة ويستهدف أساساً نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان، فيما يفصل القضاء الإداري اليوم في دعوى المرشح السلفي للرئاسة حازم صلاح أبو إسماعيل ضد وزارة الداخلية التي قالت إن والدته تحمل الجنسية الأميركية، كما يبت في دعوى طالبت بشطب مرشح «الإخوان المسلمين» خيرت الشاطر. وكانت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان أقرت أمس مشروع قانون يقضي بمنع أقطاب النظام السابق من الترشح للرئاسة أو تولي مناصب تنفيذية بعد أن أدخلت تعديلاً جوهرياً على الاقتراح الذي قدمه النائب عصام سلطان ليزيد فترة الحظر بالنص على أنه «لا يجوز لمن عمل خلال السنوات العشر السابقة على 11 شباط (فبراير) 2011 في أي وظيفة قيادية في مؤسسة الرئاسة أو الحزب الوطني الديموقراطي المنحل، أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس الوزراء لمدة عشر سنوات تحتسب ابتداء من تاريخ تنحي مبارك». وكان الاجتماع شهد جدالاً بين النواب في شأن أسباب استثناء الوزراء من نص المادة، إذ لمح البعض أن إضافة الكلمة ستعني شمول المشير حسين طنطاوي باعتباره كان وزيراً للدفاع في عهد مبارك، كما رفض بعض النواب وضع أي شروط أخرى حتى لا تستهدف عمرو موسى الذي عمل وزيراً للخارجية في عهد مبارك، وهو ما أيده سلطان وطالب بسرعة الانتهاء من كتابة تقرير اللجنة. لكن الحكومة أبدت تحفظات عن مشروع القانون. وقال وزير العدل عادل عبدالحميد إن «الشعب وحده هو مصدر السلطات ولا بد من أن نحترم الدستور والقانون»، متسائلاً: «لماذا التقدم بهذا الاقتراح في هذا الوقت إثر تقدم أشخاص بعينهم لمنصب رئاسة الجمهورية، وهل المقصود حرمان أشخاص بعينهم من الترشح... يجب الإجابة بغير لبس». وأضاف: «كنت عضواً في المجلس القومي لحقوق الإنسان وهناك حقوق دستورية لا يجوز حرمان أي شخص منها، إلا بناء على أحكام قضائية»، مشدداً على «ضرورة صدور أحكام قضائية نهائية لحرمان أي شخص من حقوقه الدستورية ومن الجائز أن تقضي المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون لأنها لا تطبق نصوصاً قانونية أو دستورية وإنما تطبق روح الدستور، وإذا رأت أن القانون يحرم أي شخص من الحقوق الدستورية، فلن تقبله وستقضي بعدم الدستورية». وعقب صاحب مشروع القانون قائلاً إن «الثورة قامت لإسقاط النظام، وكل رموزه ما زالوا يتحكمون في مصير البلد... نحن لسنا بصدد مراكز قانونية متساوية، فهناك من له كل النفوذ والاتصالات داخلياً وخارجياً وغيرهم لا، وإذا سمح لهؤلاء بالمنافسة في الانتخابات الرئاسية فلن تتحقق المساواة». وأضاف: «يصح أن يوضع نص لشخص ودستور لشخص والمقصود به حماية ملايين المصريين وهذا يحقق معنى العمومية والتجرد، والنصوص الحالية تميز عمر سليمان لأنه يملك الأموال والمستندات ضد كل المسؤولين». وعن احتمال الطعن بعدم الدستورية، قال: «لنترك المحكمة الدستورية تقوم بعملها ونرى ردها، النص الحالي ليس له علاقة بالتطبيق بأثر رجعي لأنه لم تتكون مراكز قانونية للمرشحين». وقال الأمين العام للجنة العليا لانتخابات الرئاسة حاتم بجاتو ل «الحياة» إن مشروع القانون لو أقر وأصبح نافذاً ستنفذه اللجنة، حتى لو بأثر رجعي. ومن المقرر أن تحدد هيئة مكتب مجلس الشعب موعداً لعرض تقرير لجنة الشؤون التشريعية والتنفيذية على البرلمان للتصويت على مشروع القانون، ولكي يصبح قانوناً نافذاً يلزم تصديق المجلس العسكري الذي يمارس سلطات الرئيس، عليه خلال 30 يوماً، وإن لم يصدق يعود مرة أخرى إلى البرلمان لإعادة مناقشته. وفي حال إقرار البرلمان مشروع القانون، فإن الكرة ستلقى في ملعب المجلس العسكري الذي استنفر أمس للنأي بنفسه عن الجدال في شأن هذا القانون. ونفى مصدر عسكري استنكار المجلس الأعلى للقوات المسلحة ما يقوم به مجلس الشعب من محاولات لإصدار قانون لعزل رموز النظام السابق سياسياً. وأكد أن «القوات المسلحة لم تستنكر هذه الخطوة أو تعلق عليها»، وأنها «تقف على مسافة متساوية من الجميع، ولن تدعم أي مرشح، والرئيس المقبل سيكون من اختيار الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة». لكن البيان العسكري لم يوضح ما إذا كان المجلس العسكري سيصدق على القانون في حال أقره البرلمان أم لا. وقال المجلس في بيان آخر عبر صفحة تابعة له على موقع «فايسبوك» إن «القوات المسلحة ومجلسها الأعلى تحترم القرارات التي يتخذها الشعب عبر صناديق الانتخابات، ورئيس مصر المقبل هو من يختاره الشعب المصري من دون تدخل أو وصاية من أي من كان». وأضاف أن «مصر تمر خلال هذه الأيام بأخطر المراحل وأشدها حساسية في تاريخها، ويشتد فيها الصراع السياسي الذي تقوم خلاله بعض القوى السياسية بمساندة بعض وسائل الإعلام ومن دون تحري الدقة بالزج باسم القوات المسلحة أو المجلس العسكري في بعض هذه الصراعات عن طريق تصريحات لم يتم الإدلاء بها مطلقاً من أعضاء المجلس»، مؤكداً أن «القوات المسلحة تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين لانتخابات الرئاسة وأنها لا تدعم أو تساند أحداً». واعتبر الناطق باسم حملة عمر سليمان محمد مشعل أن «كل هذه الانتقادات تقف وراءها شخصيات لها مصالح خاصة سيتصدى لها سليمان». وقال ل «الحياة» إن «سليمان يعلم كل ملفات الإخوان السوداء وبالتالي يخشونه»، متسائلاً: «ما الحال لو كشف سليمان مفاوضاته مع الإخوان أيام الثورة لحل الأزمة؟ هذه الأمور ستحرجهم، وهم متخوفون من ذلك». وتوقع أن تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون في حال أقر. وكانت محكمة القضاء الإداري أرجأت نظر دعوى تطالب بإقصاء سليمان وأحمد شفيق الذي كان رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، من انتخابات الرئاسة إلى 24 الشهر الجاري، فيما تقضي اليوم في دعوى أبو إسماعيل ضد وزارة الداخلية التي أكدت حصول والدته على الجنسية الأميركية. وقال محامي هيئة قضايا الدولة الذي مثل الحكومة في الدعوى إن وزيري الداخلية والخارجية لم يصدرا أية قرارات تفيد بأن والدة الشيخ حازم أبو إسماعيل تحمل الجنسية الأميركية، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية أخطرت فقط اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بأن والدة الشيخ حازم دخلت وخرجت من البلاد عدة مرات بوثيقة سفر أميركية، ولم تقدم أي شهادات تتعلق بالإطلاع على الجنسية الأميركية. ووصف أبو إسماعيل وزارة الخارجية بأنها «ناقلة للكفر، لأنها نقلت الأوراق والمستندات المقدمة من أميركا إلى اللجنة العليا للانتخابات، أما وزارة الداخلية فمارست نوعاً من العربدة القانونية، لعدم تقديمها ما يؤكد عدم حصول والدتي على أية جنسية أخرى غير الجنسية المصرية». وقال مدير حملة أبو إسماعيل جمال صابر ل «الحياة» إن «مرافعة دفاع الحكومة دليل على أن الحديث عن جنسية والدة الشيخ الأميركية مجرد إشاعات». وأوضح أن المحامي مختار نوح قال في مرافعته إن كل ما ورد من أدلة لا يثبت أن والدة أبو إسماعيل حصلت على الجنسية الأميركية، كما أن غالبيتها وردت من طرف ثالث هو وزارة الخارجية الأميركية. وأضاف أن «رئيس المحكمة قال للشيخ أبو إسماعيل إن أردت النطق بالحكم اليوم سأحكم لكن أبو إسماعيل طلب من المحكمة التأجيل إلى اليوم لإلزام وزارة الداخلية بتقديم ما يفيد بأن والدته مزدوجة الجنسية حتى لا يدع سبيلاً للحكومة للطعن على قرار المحكمة». من جهة أخرى، كثف مرشح «الإخوان» للرئاسة نشاطه واختار أن يكون أول مؤتمر جماهيري له في جامعة الأزهر، موضحاً أن «مشروع النهضة» الذي يتبناه «يتحدث عن الإسلام كمرجعية تُبنى على فكرة الوسطية التي يقوم عليها الأزهر». واعتبر بدء لقاءاته الشعبية من داخل جامعة الأزهر «رسالة ربانية لمن زجوا بنا في المعتقلات ظلماً وافتراء وتأكيداً لأهمية دور الأزهر في تحقيق مشروع النهضة». ودافع عن قرار «الإخوان» الدفع بمرشح للرئاسة، معتبراً أنه «جاء بعد متغيرات وحيثيات كثيرة وما تبين من محاولات لتوريط الحكومة المقبلة في أزمات كثيرة في الداخل والخارج». وأوضح أن الترشيح «كان قراراً من مجلس شورى الجماعة، والشورى لدى الإخوان ملزمة لجميع أفراد الصف، فأطعت القرار على رغم قناعتي بالاعتزال عن أي منصب إداري». وكرر هجومه على عمر سليمان، نافياً أن يكون «الإخوان» هددوه بالقتل كما زعم في الإعلام. وأوضح أن «الإخوان ظلموا في عهد الرؤساء السابقين بالاعتقالات والقتل في السجون ومباحث أمن الدولة وصودرت أموال كثيرة ولم يخرج أحد منهم لينتقم»، معتبراً أن ترشيح سليمان «إهانة للثورة وليس من المنطقي أو الطبيعي أن يعيد بقايا النظام البائد إنتاج النظام من جديد في ظل ثورة قامت لهدم الفساد والاستبداد».