اختلفت آراء متخصصين حضروا جلسات «ملتقى القضايا الأسرية في المحاكم الشرعية.. رؤية مستقبلية» أمس، بين البت في القضايا الأسرية بشكل عاجل لمعرفة مصير الأطفال، والتأني فيها من أجل إعطاء الوقت الكافي لمعرفة الآثار الإيجابية والآثار السلبية لقطع العلاقة الزوجية. وذكر المفتش القضائي في المجلس الأعلى للقضاء سعد الحقباني خلال مداخلته في إحدى جلسات الملتقى، أنه لاحظ عند القيام بالجولات التفتيشية على المحاكم في بعض المحافظات الكبيرة سرعة البت في القضايا الأسرية والزوجية تحديداً، وهو ما انتقده مجلس التفتيش القضائي. وتابع: «القضايا الأسرية تحتاج إلى الوقت الكافي لإتاحة المجال أمام الطرفين للاستقرار النفسي ولمعرفة الآثار الإيجابية، والآثار السلبية لقطع العلاقة الزوجية، وهو ما لاحظنا عكسه في بعض المحاكم في المحافظات الكبرى بالإسراع في البت فيها»، نافياً وجود قضايا أسرية في المحاكم تنتظر منذ أكثر من 10 أعوام، وإن كانت حدثت ففي الغالب تكون الإشكالية لدى المرأة نفسها. فيما أكدت مشرفة وحدة الحماية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية بالرياض الدكتورة موضي الزهراني أن مصير الأطفال في النزعات الأسرية يحتاج إلى تدخل مباشر وسريع من وزارة العدل، داعية إلى البت العاجل في أمر المكاتب الأسرية الملحقة بالمحاكم وفي نظام الحماية الأسرية الذي لا يزال يدرس في مجلس الشورى. وشددت على ضرورة توعية القضاة القائمين على القضايا الأسرية، ورجال الأمن الذين يستقبلون شكاوى من أمهات حرمن من أطفالهن ويتعرضون للإيذاء الجسدي أو الإهمال، بأهمية التحرك بسرعة للتأكد من تلك الشكاوى، مشيرة إلى أن من شأن ذلك أن تتكرر النهايات المأسوية التي مرّت خلال السنوات الماضية لأطفال تم تعذيبهم لدرجة الموت بسبب تمسك القضاء بأحقية الأب المطلقة في حضانته لأطفاله حتى وإن كانوا في سن الطفولة المبكرة، ولا سيما عندما يلجأ الزوج لأساليب ملتوية واتهامات أخلاقية لإسقاط حق الأم في حضانة أطفالها. وأشارت إلى أن مرحلة الانفصال للأطفال أسوأ مراحل حياتهم، إذ إن الإيذاء من الوالدين بالمملكة، سواء كان إيذاء بدنياً أم نفسياً أم جنسياً أو إهمال ما زال يتسم بعدم الوضوح بسبب انتشار الملكية الأبوية وعدم الاعتراف بالمشكلة نفسها، مضيفة أن مركز مكافحة الجريمة التابع لوزارة الداخلية أعد دراسة عام 2010م أكد فيها تفشي ظاهرة إيذاء الأطفال في المجتمع السعودي، إذ تبين أن 45 في المئة من الأطفال يتعرضون لصور مختلفة من الإيذاء بسبب العوامل الاجتماعية المتداخلة والنزاع الأسري، وكذلك الفهم الخاطئ للحقوق الشرعية في حضانة الأطفال. وتطرقت إلى قصة طفلة يتيمة الأم في المرحلة المتوسطة كانت تتعرض للإيذاء الشديد من زوجة أبيها التي تضربها وتحرمها من الأكل وتمنعها من الاختلاط ببقية أفراد الأسرة وتهملها من الناحية الصحية، وهو ما أدى إلى إصابتها بمرض، وهذا كله برضا الأب، وبعد تدخل فريق الحماية الاجتماعية تم ضم حضانة الطفلة إلى جدتها من أمها. إلى ذلك، أكدت مديرة الشؤون الثقافية والاجتماعية في الملحقية الثقافية في واشنطن الدكتورة موضي الخلف، أن نسبة من الأسر السعودية في الخارج تعاني من مشكلات أسرية تؤدي إلى نزعات متكررة أو حدوث الطلاق أو اللجوء إلى المحاكم الأميركية، ولا سيما إذ كانت الزوجة هي المبتعثة والزوج هو المرافق. وطالبت بإضافة دورات اجتماعية مكثفة للأزواج المسافرين إلى خارج المملكة من أجل الدراسة أو العمل، لتعريف الأزواج المسافرين بالحياة هناك وكيفية التعامل فيها. فيما ذكر عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد التويجري أن الأطراف الأكثر تضرراً من الطلاق هم الأطفال، مشيراً إلى أن الأبعاد والتعبات النفسية للطلاق تكون مدمرة في غالبية الأوقات للأطفال والنساء. وأضاف أن الحرمان من رؤية الأبناء وعدم الالتزام بمتطلبات النفقة الواجب على المطلق أن ينفقها تزيد من المشكلات وتؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي للأطفال والزوجة. فيما طالب عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور حماد الحمادي بتحديد دور كل وزارة من الوزارات التي تختص بالقضايا الأسرية مثل: العدل والشؤون الاجتماعية والثقافة والإعلام والتربية والتعليم والتعليم العالي، كي يتم تفادي الازدواجية في حل المشكلات والإسهام في الحد من التأثر النفسي عند حدوث حالات الطلاق. وأكد رئيس المحكمة الجزئية في القطيف الدكتور أحمد الجعفري في مداخلته، أن المحاكم تعاني من التعامل مع القضايا الأسرية لازدحامها بالكثير منها، ونقص الكوادر المؤهلة التي تساعد القاضي وتعينه في الوصول إلى الحق.