بدأت ثلاث جهات حكومية ممثلة في وزارتي الداخلية والشؤون البلدية والقروية وغرفة جدة للتجارة والصناعية في مراقبة المعارض المستعينة بخدمات السماسرة لفرض غرامات مالية عليها إنفاذاً للقرار الرامي إلى القضاء على هذه الظاهرة. وكشف متعاملون في سوق السيارات عن خفض حجم مبيعات السيارات في جدة بنسبة تجاوزت 30 في المئة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، جراء اشتراط الدفع عبر «الشيكات المصدقة» والتي استحدثتها معارض السيارات لضبط عمليات البيع والشراء اليومية، إضافة إلى منافسة الوكالات للمعارض في بيع السيارات المستعملة. وتستحوذ جدة على نسبة 40 في المئة من حجم مبيعات السيارات في المملكة، الأمر الذي دفع ثلاث جهات حكومية إلى مراقبة تنفيذ الإجراءات الكفيلة بمطاردة «الدخلاء والسماسرة» وتنفيذ الغرامات المالية تجاه المعارض التي تستعين بخدماتهم، حيث شددت وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية وغرفة جدة للتجارة والصناعة من إجراءاتها الكفيلة بوأد ظاهرة «السمسرة». ويؤكد أعضاء في الغرفة التجارية في جدة أن الغرامات تصل إلى حد الإغلاق وسحب التراخيص التجارية من المعارض المخالفة. ويقول خبير السيارات وصاحب مجموعة معارض بجدة الدكتور صادق إبراهيم نبيل إن المبيعات بعد اشتراط الشيكات المصدقة تم ضبطها بدرجة كبيرة بحيث لا تسمح المعارض للمشتري بأخذ السيارة قبل صرف الشيكات. ومع أن هذا الإجراء أصاب عمليات البيع والشراء بنوع من التأخير، إلا أنه، بحسب نبيل، ضبطها بشكل شفاف وواضح. ويشير إلى أن البيع ب «الكاش» هو بالتأكيد الأفضل للمشتري، خاصة في ظل طول إجراءات تصديق الشيكات من البنك «المحتكر» لهذه العملية، موضحاً أن النسبة لا يمكن مقارنتها مع العام الماضي في ما يتعلق بنسبة المبيعات كونها خفضت بنسبة لا تقل عن 30 في المئة، وبعض المعارض وصلت فيها نسبة خفض المبيعات إلى 50 في المئة في المعارض الصغيرة، والتي يرفض بعض أصحابها التعامل بالشيكات لعدم ثقتهم بها، وتولد الصورة الذهنية السيئة عنها عند الكثيرين. بدوره، يلفت عضو لجنة معارض السيارات في غرفة جدة محمد بن علي العواجي إلى أنه لا يمكن إتمام أي عملية بيع أو شراء من دون استيفاء المبالغ المالية من طريق الشيكات. وقال العواجي: «إنه لا يتم إخراج أي سيارة من المعرض إذا لم نتأكد من استيفاء المبلغ المالي المتبقي عليها من خلال الشيكات التي يسلمنا إياها العميل»، مشيراً إلى أن غالبية المعارض اتجهت «مجبرة» إلى نظام الشيكات التي أشار إلى أن إقرارها لم يسبقه تأهيل وإجبار للبنك المسؤول عن هذه العملية لفتح فروع جديدة له في منطقة المعارض. ويضيف «للأسف الشديد فالبنك المسؤول عن هذه العملية هو بنك واحد، ودائماً ما يتعطل نظامه الداخلي، وحتى فترة دوامه لا تتناسب مع فترة دوام المعارض، وبالتالي فالبنك سبب رئيس في المشكلة التي تواجهها المعارض الصغيرة». ويطالب العواجي بضرورة إجبار البنك على فتح فرع جديد له، وتغيير دوام موظفيه ليتواءم مع الدوام المعروف لمعارض السيارات، مؤكداً أن الجهات الرقابية قامت بدور كبير في التخفيف من ظاهرة «السماسرة» الذين عادة ما يكونون من مخالفي نظام الإقامة والعمل، إلا أنه أشار إلى أن وجودهم لا يزال يشوه المنظر العام للمنطقة. وبحسب سلمان إبراهيم النشمي أحد المتعاملين الدائمين مع معارض السيارات، فإن جل المعارض خفضت مبيعاتها، ولكن أصحابها ربما لا يفضلون الإفصاح عن ذلك لأسباب تسويقية بحتة، لافتاً إلى أن ثقافة الشيكات لا تزال غائبة ومشوهة بشكل كبير، خصوصاً لدى ملاك المعارض من كبار السن الذين يتوجسون من بعض الزبائن الشبان، فقد تم تسجيل حالات احتيال متعددة في بعض المعارض، ولكن الاحتياطات الكفيلة بمنع تكرارها تختلف من معرض إلى آخر على رغم الاتفاق على أن الشيك هو الأساس في إتمام علميات البيع والشراء في المعارض كافة. ويشير النشمي إلى أن نسبة الخفض وصلت إلى أكثر من 30 في المئة بمقارنتها مع العام الماضي، وذلك لأسباب متعددة منها التقييد الحاصل على السيارات المستوردة، وغلاء أسعار الموديلات الجديدة منها، إضافة إلى أن الوكالات حالياً تنافس المعارض حتى في السيارات المستعملة التي كانت كفتها تميل لمصلحة المعارض بالنسبة للعميل.