انتقد الكاتب أحمد أبودهمان شراء وزارة الثقافة والإعلام لبعض المثقفين، مشيراً إلى امتلاكه بعض الأسرار التي تثبت ذلك، واصفاً العلاقة بينه وبين الوزارة بالبائسة. وقال: «لا أنتظر شيئاً من الوزارة، لأنني أعرف أنه لا شيء يتم فيها إلا بالواسطة، وليس لدي استعداد لذلك». وهاجم أبودهمان، خلال استضافته ليل أول من أمس، في برنامج «يا هلا» الذي تبثه قناة «روتانا خليجية» ويقدمه الإعلامي علي العلياني، وزارة الثقافة والإعلام لعدم سماحها لدور النشر والمكتبات في المملكة بإدخال رواية «الحزام»، لافتاً إلى سحب نسخ منه شخصياً في المطار. واستنكر في اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعتين وقوف بعض الكتاب إلى جانب إسرائيل، واصفاً وضع هؤلاء بالمأساة في زمن بائس. وقال أبودهمان إن الكتاب السعوديين مظلومون، مستنكراً ما يفعله البعض من أجل الظهور الإعلامي واستعداده للدفع، ووصف ذلك بأنه «رخيص». وطالب في اللقاء الذي اتسم بحسب المتابعين بالعفوية والبساطة، بإعادة الاعتبار الاجتماعي والإنساني للمثقفين، الذين تزخر البلاد بهم وبالمؤهلات العالية التي بدونها تصبح البلاد أشبه باللوحة السوداء والغابة. ودعا أبودهمان «قناة روتانا» إلى تبني مشروع حقوق المؤلف في امتيازات الظهور الإعلامي حتى استيقاظ وزارة الإعلام، مديناً استضافة القنوات للمثقفين والكتاب مجاناً، مشدداً على أنه «يطلب مبالغ كبيرة للظهور الإعلامي ليس للمال، بل لتأسيس حق المبدع في العيش، ويكون هو الأعلى». وأشار صاحب رواية «الحزام»، الذي أبدى استعداه للعمل التلفزيوني، إلى ما يحدث في المشهد الثقافي السعودي، من حال «إسهال واستسهال للكتابة الإبداعية»، مؤكداً أنه لا يمكن مقارنة الحرية المتاحة للنص السردي مع النص الشعري المعقد والمحكوم بالقواعد الصارمة، منوها إلى أن شروط الكتابة في المملكة قاسية لوجود «المحرمات التي تحيل الكتابة إلى عذاب». وقال إن الصحافة الورقية تقاوم التلاشي، وأنها «ستظل تناضل حتى اللحظة الأخيرة»، مشيراً إلى وجود عدد من الناس تفضل القراءة باليد والعين. وكشف أن روايته «الحزام» التي ترجمت إلى ثماني لغات أجنبية، تدرس في الجامعات والمدارس التقنية الفرنسية، موضحاً أن روايته التي كتبها لابنته وزوجته تحولت إلى ما يشبه الهم المتعب والمؤذي الذي فرض عليه الحضور تحت الأضواء والشهرة، معرباً عن عزوفه عن هذه الأجواء. ووصف الروائي السعودي بعض ردود الفعل على روايته بالمحبطة قائلاً: «محبط أن يقرأ أحد عملاً استغرقت في كتابته ثلاثون عاماً في ساعتين وعلى سريره». وذكر أن رواية «الحزام»: «نص روائي أنثروبولوجي تاريخي، ومفتاح لقراءة تاريخ الجزيرة». وعن سؤال بأن ال35 عاماً التي قضاها في فرنسا لم تغير في أبودهمان شيئاً، أجاب بأن فرنسا منحته فرصة الحفاظ على لغته وقريته وجزيرته العربية التي هو جزء منها، مشيراً إلى أن البعض قد يناله بعض الحرج من ذكر انتسابه للجزيرة. وفنّد اعتقاد من ظن بأنه طاب له المقام في فرنسا، منوهاً إلى أن أسباب عودته إلى المملكة بعد أن غادرها وهو في ال25 من عمره، تكمن في عدم احتمال البعد، «وكان لابد أن أعود لوطني». مشيراً إلى سعادته التي تجسدت في يوم عودته، والتي لا يمكن معرفتها إلا ممن غاب عن الوطن، قائلاً: «كل خطوة في وطنك تجعل منك ملكاً، حتى لو قادتك هذه الخطوة إلى السجن، يوم عودتي لم يكن أبو متعب ملكاً بقدر ما كنت ملكاً» في أشارة منه لعمق سعادته بالعودة. وبين الروائي والصحافي أنه وعلى الرغم من عودته من فرنسا منذ أعوام إلا أنه لم يسكن في قريته التي عاش فيها طفولته، بل استوطن الرياض بصفتها الأم لكل مواطن سعودي، وأن بطن الرياض يتسع للجميع، معبراً عن حبه للرياض التي وصفها بالجافة، وقال إنه قام بتحويلها إلى مدينة جميلة، مشدداً على أن كل من يملك حديقة صغيرة في الرياض ولا يحولها إلى جنة فهو جدير بجهنم، متطرقاً لتجربته الزراعية في زرع صنوف الفواكه والخضار وتربية النحل لاستخراج العسل في حديقة منزله. وكشف الكاتب الذي أعلن تأييده لقيادة المرأة السعودية للسيارة، أنه يشتغل حاليا على عدد من الأعمال، مستدركاً بأن ظروف حياته لا تسمح له بالتفرغ للكتابة. وقال إنه افتتح داراً للنشر والاستشارات أطلق باسم «الحزام»، مراهناً على أن دخل الاستشارات أكبر من مدخول الإنتاج، إيماناً منه بأن «جملة واحدة يمكن أن تنقذ بلدًا أو تسقط بلدًا»، متمنياً أن يجد الفرصة لإعطاء الكلمة مداها الأفضل. وفي اللقاء الذي غنى فيه أبودهمان من كلماته على منوال الأغاني الجنوبية، انتقد دور النشر العربية التي تلزم المؤلف بالدفع لطباعة كتابه، واصفا الأمر ب«المهزلة». وتحدث أبودهمان عن طفولته وقريته فقال: «ولدت وكان يجب أن أكون ولداً، وإلا ستكون نهاية أبي». واستذكر لحظات ولادته وكأنه ما زال يسمع صوت الرصاص بالقرية احتفاء بمولده في قرية آل خلف، التي تعلم منها الحب والشعر والغناء ومعنى الأرض كما يذكر، لافتاً إلى بناء أجداده 11 برجاً، كل برج يحوي 12 دوراً، «وكان بإمكاننا أن نمشي في طرقات القرية، كأن في يد كل منا مفتاحاً لكل بيت بها».