اعتنت المملكة بالأسرة أيما عناية، إذ نصت المادة ال29 من النظام الأساسي للحكم على أن الأسرة نواة المجتمع السعودي، والدولة تحرص على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، فكان القضاة وأعوانهم لا يزالون يسعون في الصلح في جميع القضايا، التي يصح فيها الصلح شرعاً، ويولون القضايا الأسرية المزيد من العناية، منطلقين في ذلك من التوجيهات الربانية والأحاديث النبوية ثم توجيهات ولاة الأمر. والأسرة السعودية بشكل خاص تتميز بتمسكها بالعادات والتقاليد، ما يمنحها سمة خاصة من التكتم وعدم إظهار المشكلات الداخلية للأسرة، ما يسبب أحياناً تفاقم هذه المشكلات وصعوبة حلها. وتختلف طبيعة المشكلات الأسرية من أسرة إلى أخرى بحسب المستوى الاجتماعي والثقافي والتعليمي والمادي للأسرة، وبرز عدد من المشكلات والقضايا الأسرية في الفترة الأخيرة، لاسيما في ظل التغيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، التي يمر بها المجتمع السعودي، ومن تلك المشكلات الأسرية: العنف الأسري، والطلاق، والمشكلات الناشئة عن تعدد الزوجات. ويحتل الصلح مساحة رحبة في شريعتنا الإسلامية السمحة وقوانين العالم بشكل عام قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). (النساء 114). وبادر عدد من الدول العربية، ومنها المملكة ممثلةً في وزارة العدل بإنشاء إدارة عامة للصلح للعمل على دعم أقسام الصلح في مختلف محاكم المملكة، وتنمية مهارات العاملين بها، ورفع كفاءاتهم، من خلال مشاركتهم في الفعاليات والمؤتمرات، والندوات الخاصة بالصلح، وحضور الدورات المتعلقة بالصلح، وتبني نظام المصالحة والتوفيق في الخصومات، ومحاولة أن تصنع منه بديلاً عن التقاضي، بهدف تحقيق الاستقرار الأسري، وحل الخلافات الأسرية والزوجية بالطرق السلمية، والحد من وقائع الخلافات الأسرية والطلاق، التي ينتج منها تفكك أسري وانحراف سلوكي ونفسي، والمساهمة في حل الخلافات الأسرية بالطرق الودية، وذلك أدعى لرأب الصدع ولم شمل الأسرة، والحد من وقائع الطلاق والخلافات الزوجية، وما ينتج منها من تفكك الأسرة وانحراف الأولاد أو الوقوع في الجريمة أو الاضطرابات النفسية، وحماية الأسرة من إفشاء أسرارها وظهور الخلافات فيها، وتبصير المختلفين بأهمية الرجوع لأهل الحل والخبرة من الاختصاصيين الشرعيين والنفسيين والاجتماعيين عند وقوع المشكلات الزوجية، وإيجاد الحلول المناسبة لأسباب الخلافات الزوجية ومعالجتها من جميع جوانبها، واستشعار أهمية البعد الإنساني في معالجة القضايا الأسرية واحتياجها إلى النظر بعين الرحمة والعطف، وأهمية استشعار الأثر السلبي للشقاق الأسري ودوره في ازدياد الجرائم والبطالة، والنظر إلى ما يترتب عليه الطلاق من هدم بيت الزوجية، وتشتيت أفراده، والتخفيف من كثرة القضايا التي تحال إلى القضاة. وتنظر هذه المكاتب إلى عدد من القضايا في مقدمها قضايا الأحوال الشخصية، والحقوقية، والعنف بين الزوجين، وقضايا حقوق الأبناء تجاه الوالدين، والعنف تجاه الأبناء والعنف الأسري، وقضايا النشوز، وقضايا النفقة والسكون، وعقوق الأبناء تجاه الوالدين، والقضايا الزوجية (الطلاق – الخلع - الفسخ)، والرضاعة والحضانة والزيارة، وقضايا العضل والحجر، والنزاع في قسمة التركات. ويلعب عضو مكتب الصلح عدداً من الأدوار بالنسبة لتلك القضايا من دور الوسيط المساعد بين طرفي القضية، والمصلح والمحكم لحل النزاع بالطرق الودية، تمهيداً للوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين، كما يقوم عضو المكتب بدور المحامي والمدافع عن الطرف الأضعف في القضية، حماية لحقوقه لتحقيق النزاهة والعدالة. * وكيل وزارة العدل المساعد للإسناد القضائي.