علمت «الحياة» من مصادر وزارية لبنانية أن السلطات السورية طلبت من لبنان تسليمها عدداً من النازحين السوريين الذين هربوا الى شمال لبنان قبل مدة، وأن المسؤولين اللبنانيين تدارسوا هذا الطلب واعتبروا ان تنفيذه سيؤدي في المقابل الى تحريك ضغوط دولية مقابلة على لبنان، خصوصاً أن جهات دولية عدة بدءاً بالولاياتالمتحدة مروراً بالدول الأوروبية انتهاء بالأمم المتحدة، كانت حذرت لبنان من خرق القوانين والمواثيق الدولية، لا سيما منها المتعلقة بحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب عبر تسليم ناشطين سوريين الى حكومة بلادهم. والطلب الأخير هو تكرار لطلب سابق قبل زهاء أسبوعين لتسليم نازحين سوريين. وواصلت الأجهزة الأمنية اللبنانية ورجال الأدلة الجنائية أمس عملية تمشيط الأحراج المحيطة ببلدة معراب الجبلية التي كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تعرض لمحاولة اغتيال في مقره فيها. وقالت مصادر أمنية ل «الحياة»، إن رجال الأدلة الجنائية عثروا خلال تفتيشهم المتواصل منذ 3 أيام في المناطق الحرجية على بعض من الأدلة التي خلفها مَن قاموا بمحاولة قنص جعجع عبر أكثر من بندقية من عيار 12.7 من بعد فيما كان يمشي في باحة مقره مع مرافقيه. وأكدت المصادر أن من دلائل احتراف منفذي العملية عدم تركهم الكثير من الأدلة أو المعطيات وأن المحققين عثروا أمس على زجاجات مياه للشرب فارغة، فضلاً عن خيوط ملابس علقت بأغصان الأشجار التي سعى المنفذون الى كسر بعضها أو ربط بعضها الآخر لتسهيل الرؤية، وأن رجال التحقيق رفعوا هذه الآثار لتحليلها وكذلك البصمات على أغصان الأشجار لإخضاعها لفحوص «دي إن آي». وكان المحققون عثروا على حفرتين، في الموقع الذي أطلقت منه النار على جعجع، غطتهما أغصان أشجار وحشائش، وفي داخل كل منهما حجارة رجّحت التحقيقات أن تكون استُخدمت في تثبيت قاعدتي البندقيتين اللتين استعملهما الجناة في إطلاق النار. وجرى رفع الآثار التي بقيت في الحفرتين، والتي وُجدت قربها آثار أقدام أيضاً. وأشارت مصادر معنية بالتحقيق الى أنه على رغم ان نوع القناصتين اللتين استخدمتا في إطلاق الرصاصتين المتفجرتين في اتجاه جعجع من بعد زهاء 1500 متر، يتيح توجيه واحدة منهما عبر جهاز الكومبيوتر، فإن فرضية وجود شخص واحد قام بالعملية باتت مستبعدة، لأن وزن المعدات المستخدمة في العملية يتطلب أكثر من شخص واحد لحملها والهروب بها بعد إطلاق النار. كما أفادت المصادر أن الرصاصتين اللتين اخترقتا جدار مقر جعجع وزجاج إحدى النوافذ بعد أن تخطته، تخضعان لفحص مخبري لتحديد نوعهما ومصدر تصنيعهما. وأعلن المجلس المركزي لحزب «القوات» الذي اجتمع أمس برئاسة جعجع، أن «من فشل في المحاولة الآثمة الشديدة الاحتراف لن يتوانى عن القيام بأخرى». وأثارت «القوات» مسألة حجب «داتا الاتصالات» (خريطة المكالمات الهاتفية) عن الأجهزة الأمنية التي تتعقب من خلالها شبكة التواصل التي تثير الشبهة، وسألت: «الا يساعد حجب الداتا عن قصد أو عن غير قصد في تسهيل مهمة الفاعلين؟». ودانت الولاياتالمتحدة، بعد فرنسا، «ما يبدو أنه محاولة اغتيال» لجعجع على لسان نائب الناطق باسم وزارة الخارجية مارك تونر، الذي قال: «نحن قلقون من أن استهداف جعجع قد يكون بسبب انتقاده الصريح للقمع الإجرامي لنظام الرئيس (بشار) الأسد وأفعال حزب الله المزعزعة لاستقرار لبنان».