تلجأ الأمهات العاملات إلى شقيقاتهن غير المتزوجات لتربية الأولاد الذين يتعلقون مع مرور الزمن بخالاتهم العازبات، ويرفضون فكرة الانقياد الى الأم الحقيقة. ظاهرة الإعتماد على الشقيقة غير المتزوجة ولّدت نوعاً جديداً من الأمهات العازبات في العراق، واللواتي يشرفن على رعاية أبناء شقيقاتهن منذ مرحلة الرضاعة، ويقمن بواجبات الأم كاملة بعيداً من الحياة الزوجية. سجا، أم ممّن أشرفن على تربية الأطفال من دون انجابهم، وعلى رغم كونها تعمل استاذة جامعية، إلاّ أن عملها لم يعرقل دورها في تربية ابن شقيقتها اخلاص. وتقول سجا: «عندما انجبت شقيقتي طفلها الأول قبل سنوات ساعدتها في بعض الأمور البسيطة، ولعبت أمي الدور الكبير في تربيته، أمّا الطفل الثاني فربيته بشكل كامل، ولا أتركه إلاّ لساعات قليلة، أثناء وجودي في العمل». وحرصت سجا على تعلّم أفضل طرق تغذية الطفل وتربيته وتغيير حفاضاته وغيرها من الأمور التي تتقنها الأمهات، بل إنها باتت مرجعاً لزميلاتها في الكلية اللواتي يستشرنها في الطرق الأفضل لإطعام الاطفال، وكيفية التغلب على بكائهم. واعتياد الأمومة جعلها تشارك زميلاتها الامهات في النقاشات التي تدور بينهم أثناء الاستراحة في الجامعة، بل إنّ زميلاتها أنفسهن يستغربن حماستها للنقاش. وتقول سجا: «أربي ابن شقيقتي بالشكل الذي أراه مناسباً، وهو يتعلق بي بشكل كبير ويعتبرني أمّاً له، بل إنني أنا أيضاً اعتبره ابنا لي ولا أشعر أنّه ابن اختي». وأكثر ما يضايق الأم العزباء انها ستضطر إلى إعادة ابنها إلى والدته الحقيقية بعد شهور حينما ستسافر لإكمال دراستها في انكلترا وستضطر إلى التواصل معه عبر الهاتف والانترنت فحسب. وتضيف: «لا أحتمل فراقه، وكنت أشعر بحزن وألم شديدين حينما تأخذه والدته معها لبضعة أيام، ولكنّني قرّرت أخيراً أن أساعده على التكيّف مع حياته بعد سفري فطلبت من شقيقتي أن تأخذه معها بضعة أيام في الشهر كي يعتاد على عائلته الحقيقية بعد سفري ولا يعاني كثيراً بسببي». الأمهات العازبات في العراق غالباً ما يربين أبناء شقيقاتهن، بل ويصل الأمر في بعض المواقف إلى عدم الزواج، والأكتفاء بتربية أحد أولئك الأولاد ثم الاحتفاظ به بموافقة العائلة فيصبح ابناً بالتبني لخالته. سليمة، كانت في ما مضى أماً عزباء لطفل شقيقتها حامد، ولكن نقض والده وعده لها وإصراره على استعادة طفله منها دفعها إلى الزواج وإنجاب الأطفال لاحقاً. فالمرأة الأربعينية سبق وساعدت شقيقتها في تربية أحد أولادها ثم احتفظت به لاحقاً رافضة الزواج وتكوين أسرة مستقلّة على أمل أن تقضي بقية حياتها مع ذلك الطفل. وتقول: «بعدما بلغ سن الثامنة عشرة أراد والده استرجاعه مني، وأجبرني على التخلي عنه بالقوة، وهددني بالحبس إن لم أفعل فاضطررت إلى تركه، ثم تزوجت بعد شهور وحصلت على ثلاثة اطفال من حمل واحد عوّضوني فراق ابن شقيقتي». حامد لم يتمكن من العيش مع أسرته الحقيقية، فغادر الى سورية ومن هناك إلى أوروبا ليحيا حياته بعيداً من أسرة لم يعرفها سوى في السنوات القليلة الماضية. قصص تربية الخالات لأولاد الشقيقة غالباً ما تكون مقترنة بأسباب خاصة تمرّ بها إحدى الشقيقتين. فالنساء العاملات غالباً ما يعتمدن على شقيقاتهن العازبات في تربية الأولاد وبخاصة العاطلات من العمل منهن. وحتى بعد استعادة الطفل من الشقيقة بعد مرور عامين أو ثلاثة يبقى الطفل يحتفظ بعلاقة مميزة مع خالته التي يميل إليها في أحيان كثيرة أكثر من أمه.