اعتاد خان محسن أن يوقظ ابنه الذي لم يتخط الثانية عشرة من عمرة مع حلول السادسة صباحاً، لتوصيله إلى مدرسته قبل الطابور الصباحي، لكنه لم يكن يعلم أن إقرار المادة 20 من مشروع قانون المرور قد يجعله يستغني عن سيارته التي اشتراها بالتقسيط، ويلجأ لوسائل مواصلات أخرى. وخان محسن الذي يحمل الجنسية الباكستانية، يجد نفسه مثل الآلاف غيره من المقيمين، في حال من الدهشة بعد سماع أخبار تداولتها الصحافة المحلية البحرينية مفادها أن مجلس الشورى أقر مادة تقضي بمنع الأجانب من قيادة السيارة إلا إذا كانت طبيعة عملهم تقتضي ذلك. ويقول محسن الذي يعمل موظفاً في شركة لتحويل الأموال: «كيف يمكن أن تسير حياتنا من دون السيارة، وسائل المواصلات قليلة في البحرين والتاكسي قد يكلفني 3 دنانير (7.9 دولار) في المشوار الواحد». وعلى رغم حكم المحكمة الدستورية بوجود شبهة دستورية في المادة، لا تزال مخاوف الأجانب من إقرارها قائمة. ولم تقتصر حال الاستياء من المادة المذكورة على الأجانب المتضررين فحسب، إذ وصلت إلى وزارة الداخلية ذاتها التي وصفت إقرار المادة «بالكارثة التي لا تناسب المرحلة الحالية». وقال وكيل وزارة الداخلية المساعد للشؤون القانونية العميد محمد راشد في مداخلة أثناء المداولات في المجلس النيابي: «لا يمكن تطبيق المادة بالشكل الذي أقره مجلس النواب، لأن أكثر من نصف سكان البحرين أجانب». وأعلنت الغرفة التجارية من جانبها، رفضها إقرار المادة، مؤكدة وأكدت إنها سوف تتحرك للتصدي لها تفادياً لما «قد تسببه من أضرار على الاقتصاد والاستثمار في البحرين»، موضحة في بيان أن المادة «تتجاهل حقائق وثوابت عدة، كما إنها تسلب حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان، وهو حق التنقل، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية التي تتصل بالبعد الاقتصادي للقرار، إذ إنها تؤثر سلباً على قطاع واسع وعريض من أصحاب الأعمال وتحد من تشجيع الاستثمار في المملكة». ووصفت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان مشروع القانون بأنه «حكم ينطوي على تمييز» وحذر المحامي فريد غازي من إقراره، مؤكداً أنه يتعارض مع المواثيق الدولية ودستور المملكة. وتعاني البحرين من أزمات مرورية خانقة، في ظل وعود حكومية بالبحث عن حلول سريعة للأزمة. وظهرت على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي مدونات متخصصة لإرشاد المواطنين إلى الطرق التي تجنبهم الازدحام الشديد. و يصعب السير في العاصمة وبعض مناطق المملكة مع حلول الساعة الثانية بعد الظهر، إذ يمكن مشاهدة الصفوف الطويلة من السيارات المتكدسة أمام إشارات المرور في الوقت الذي يشهد خروج الطلبة من المدارس والموظفين من أعمالهم اليومية. ويعزى سبب الازدحامات المرورية إلى سهولة شراء السيارات في المملكة الخليجية ذات المساحة المحدودة (766 كلم مربع) والتي يزيد عدد المقيمين الأجانب فيها عن 660 ألف شخص بحسب التعداد السكاني للجهاز المركزي للمعلومات عام 2010. ويقول محمد ناصر (23 عاماً) وهو طالب بجامعة البحرين: «السيارات أصبحت متاحة بسهولة هنا، يمكنك حتى إذا كنت محدود الدخل أن تحصل على واحدة بالأقساط، إعلانات شركات السيارات والتمويل تملأ شوارع البحرين». ويضيف ناصر: «العديد من الآسيويين يحصلون على سيارات بالتقسيط ويستخدمونها كسيارة أجرة بالمخالفة للقانون للحصول على ثمن القسط الشهري... نحن الذين ندفع الثمن». ويؤكد الخبير الاقتصادي يوسف المشعل من جانبه أن أبرز العوامل التي أدت إلى تفاقم المشكلة هي الأسعار الزهيدة لتأمين السيارات. ويقول المشعل وهو عضو الجمعية البحرينية لتنمية الصادرات: «السعر الزهيد الذي يتم دفعه للتأمين يجعل العامل الوافد يصبح بمقدوره اقتناء سيارة بتكلفة منخفضة وهنا مربط الفرس. » وباستثناء العاصمة المنامة، يصعب مشاهدة سيارات الأجرة بكثافة في المدن. ويعتمد العمال الآسيويون على حافلات النقل العام، لكنها كما يبدو لم تعد قادرة على مواكبة أعداهم المتزايدة، بحيث يمكن مشاهدة طوابير طويلة منهم أمام المحطات.