عندما يقال لك إن شركة نفط حكومية عملاقة تحتجز مساحة من الأرض لأسباب نفطية أو «لوجستية» أو أي سبب يرتبط بنشاطها، فكيف ستكون الصورة المتخيلة؟ ستتخيل فرقاً جيولوجية تجوب هذه الأراضي، أو معدات نفطية مقامة عليها، أو حتى جامعي عينات تربة، أو أي شيء يوحي بأن هذا الحجز إما سينتهي إلى مصادرة الأرض وتعويض أصحابها للحاجة الاستراتيجية، أو إرجاعها إليهم لأنها مجرد أراض لا توجد فيها ثروات من أي نوع، أو ليست في حمى أي موقع حساس. الصور التي رأيناها في الزميلة «الاقتصادية» يوم أمس صورتان، الأولى لمخيم يبدو واضحاً أنه خاص، والثانية لشقيق أو صديق «شقردي» نصب لنفسه خيمة واستقطع ساحة لتأجير الدراجات النارية الصحراوية المعروفة في «المحكية» باسم «الدبابات»، وهي صورتان توضحان أن الحجز إما أنه كان احترازياً فقط، أو أن الاختبارات أثبتت عدم وجود شيء في هذه الأراضي، أو وهذه المشكلة الأكبر أنه لم يتم البدء في أي إجراء أو اختبار. تأملوا في الأرقام التي أعلنها أمس المواطن عبدالعزيز السمحان من أن 70 مليون متر مربع، قيمتها 15 بليوناً، تعود ملكيتها إلى 60 ألف مواطن، وهذه أرقام كبيرة نتمنى أن تؤكدها جهة رسمية، أو شركة آرامكو، أو تنفيهما. هذه الأرقام تعني أن متوسط حصة المواطن السعودي المالية تبلغ 250 ألف ريال، وهو متوسط حسابي، فالبعض لديه مليون ريال، والآخر له فقط 10 الآف ريال، لكنها جميعاً أموالهم التي لن يرضون خسارتها، ولن يقوموا بإبراء ذمة الشركات العقارية أو الإفراد الذين نظموا هذه المساهمات، وهؤلاء يعلقون مصير هذه الأموال والأراضي في ذمة شركتنا الوطنية العملاقة «آرامكو»، التي نحترم جميعاً أداءها وثقافتها، ويعتبرها الجميع واجهة حضارية ومصنعاً حقيقياً للرجال والقيادات الوطنية الاقتصادية والنفطية. لنتأمل المعادلة بطريقة سهلة. الحكومة تبحث عن رفاه المواطن، وتسعى بجهد واضح إلى توفير المزيد من الأراضي والقروض لحل مشكلة الإسكان، ولها مساع لحل مشاكل الفقر، وممثلة في وزارة التجارة، حركت ملف المساهمات العقارية بشكل ملحوظ لإعادة حقوق الناس، والحكومة أيضا تعتمد بعد الله على مجموعة مداخيل يأتي النفط في مقدمها، وشركة أرامكو تحت مظلة وزارة البترول مسؤولة عن الثروة الطبيعية التي تنفَق مداخيلها على المواطنين، ما يعني أن إنهاءها هذا الملف بالتعويض أو رفع اليد عن الأراضي يحقق الأهداف نفسها؛ فمعادلتنا إذا متساوية الأطراف، متماثلة الثقل. أخشى ما أخشاه أن مسؤول حجز الأراضي في أرامكو يفكر بعقلية لعبة «البلوت»، فهو رأى أن المواطن والعقاري اللذين ساهما في هذه الأراضي كانا يبحثان عن «دبل» لرأسمالهما، ورأى أن وزارتي البترول والتجارة متعادلتان في الهدف أعلاه، فقام بتحميل الخسارة على الناس على طريقة «إذا تساوى الطرفان، فالمدبل خسران»، وأود أن أهمس له بأن المساهمين أصبحوا «برا»، وبالتالي «مالهم دبل»، بالكاد يبحثون عن رؤوس أموالهم. [email protected] @mohamdalyami