هناك نوع من الطحين اشتهر بين ربات البيوت باسم «طحين أرامكو»، ولا أعرف هل التسمية، لأنه قادم من المنطقة الشرقية، أم لأن مصدره إحدى منشآت أرامكو «غير النفطية»، أم انه مجرد تشبيه كونه يعتبر لديهن دقيقاً فاخرً، سهل الاستعمال، واضح النتائج، لا يحتاج إلى تعقيدات كثيرة، وبعض من هذه الصفات تتميز بها ارامكو إذا قورنت بالجهات أو الشركات الحكومية الأخرى، بعضها على الأقل. تبادر لذهني هذا الطحين الشهير في صناعة الكيك والمخبوزات يوم الأحد الماضي عندما زف حسان عقيل وكيل وزارة التجارة والصناعة المتحدث الرسمي باسم لجنة المساهمات العقارية البشرى لبعض المساهمات العقارية المتعثرة، وهو بعض قليل، لكنه جهود محسوب، لاستعادة مال مسلوب، أو يمكن اعتباره «مسلوقاً» في قدر طفرة الغباء التي مرت ببعضنا وهو يعطي أمواله لأشخاص وجهات ثبت أنهم «مش كويسين». أسماء كثيرة من المساهمات، لفتني منها ثلاث قال عنها عقيل: «إنه نظراً لطبيعة أسباب تعثر مساهمات (بوابة الذهب، ومساهمة الزهراء، ومساهمة جوهرة النمر)، وعدم استطاعة اللجنة وفقاً لآلية عملها تصفية هذه المساهمات لوقوع أراضي هذه المساهمات ضمن الأراضي التي لا يمكن التصرف فيها باعتبارها من محجوزات أرامكو، فقد تم الرفع بذلك للمقام السامي، مبيناً أن اللجنة رأت إحالة أوراقها إلى المحاكم المختصة مع إيضاح ذلك للمساهمين فيها، من حيث إن عليهم حق المطالبة بحقوقهم عبر المحاكم المختصة وأن «العبرة بما يتقرر شرعاً». ومحجوزات ارامكو مصطلح عقاري اشتهر مع توقف هذه المساهمات وغيرها من المخططات، وبما أنها شركة حكومية خالصة، فيمكن التفاؤل أن الحكومة لن ترضى أن تعطل ارامكو مصالح الناس، وستأتي التعليمات إما بالإفراج عن هذه الأراضي، أو دفع تعويضات لأصحابها إذا كانت ارامكو لا تستطيع لأسباب عملية نتفهمها جميعاً الاستغناء عنها. القضية عند حلها، الذي نتمناه قريباً، يجب أن تفتح الملف للنقاش، فهل جمع العقاريون الأموال من الناس وهم يعلمون أن هذه المواقع من محجوزات ارامكو؟ فهنا تبدو العملية نصباً واحتيالاً على مستوى كبير، ويمكن حينها العتب على ارامكو لسكوتها، وإذا لم يكن كذلك وهو ما أحسبه فهل تفطنت ارامكو لهذه الأراضي بعدما أُعلن عنها كمساهمات عقارية أو كمخططات؟ ربما، لكن لماذا لم «تبرق» لجهات الاختصاص بوقف هذه التصرفات حمايةً لمحجوزاتها، ولمدخرات الناس، وتوفيراً لوقت وجهد ومال الحكومة والناس. لهذه الشركة العملاقة مكانة جميلة في وجدان كل سعودي، وهي من الشركات التي إضافة إلى مساهمتها في صنع حراك اجتماعي مختلف، ظلت تقوم بواجبات اجتماعية كثيرة، وأتمنى منها، ومن مسؤوليها اعتبار إنهاء هذه القضية جزء من مسؤوليتها الاجتماعية تجاه آلاف المساهمين وعائلاتهم وفيهم من هو فعلاً بحاجة إلى ماله الذي احتجز لسنوات طويلة، بعضها كان صعباً وقاسياً. [email protected]