تشهد وسائل الإعلام الفلسطينية والجسم الصحافي منذ أيام جدلاً ساخناً عن قرار النيابة العامة توقيف صحافيين، بموافقة القضاء، على ذمة التحقيق لمدة 15 يوماً، أحدهما أستاذة إعلام تحمل شهادة الدكتوراه. وطالبت نقابة الصحافيين وكتل صحافية وناشطون مستقلون إطلاق الصحافييْن لحين محاكمتهما، وهما يوسف الشايب الذي يعمل مراسلاً حراً، والدكتورة عصمت عبد الخالق الأستاذة السابقة للإعلام في جامعة القدس. وحصلت النيابة العامة على إقرار القضاء بإيقاف الشايب وعبد الخالق على ذمة التحقيق في قضيتيْن منفصلتيْن. وجاء توقيف الدكتورة عصمت على خلفية نشرها تعليقات على «فايسبوك» تسخر من القيادة الفلسطينية، ووجهت النيابة إليها تهمة «إطالة اللسان». أما الشايب، فأوقف بعد قيام سفير فلسطين في فرنسا هايل الفاهوم وزوجته ووزير الخارجية رياض المالكي برفع دعوى قضائية ضده اتهموه فيها بالتشهير في تقرير نشره في صحيفة «الغد» الأردنية عن «الفساد والتجسس» في سفارة فلسطين في باريس. ويقول أصحاب القضية انه قام بالتشهير بهم من دون أن يقدم أي أدلة أو وثائق. ووقع الجسم الصحافي في حيرة إزاء القضية، فمن جهة فإن الذي أصدر قرار التوقيف هو الجهاز القضائي وليس الحكومة. ومن جهة أخرى، يرى غالبية الصحافيين انه لا يجوز توقيف صحافي قيد المحاكمة، خصوصاً أن هناك عدداً من المسؤولين والوزراء المتهمين بقضايا فساد تجري محاكمتهم وهم طلقاء. وتساءل عدد كبير من الصحافيين في مقالات وتعليقات على مواقع التواصل المختلفة عن السبب في توقيف الصحافييْن وعدم فعل الشيء ذاته مع السياسيين المتهمين في قضايا فساد خطيرة. وتساءل رئيس كتلة الصحافي المستقل حسام عز الدين قائلاً: «لسنا ضد قرارات القضاء، لكن لماذا لا يجري منع المتهمين من السفر، وسحب جوازات سفرهم، وليس توقيفهم كما جرى مع سياسيين متهمين في قضايا فساد». وحظيت الدكتور عصمت عبد الخالق بتعاطف واسع نظراً لأنها امرأة، ولأنها موقوفة على خلفية تعليق شخصي على موقع تواصل اجتماعي. وتظهر أجهزة السلطة الفلسطينية ضيقاً لافتاً إزاء النقد القادم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأوقف جهاز أمني أخيراً صحافياً يعمل في وكالة الأنباء الرسمية «وفا» لساعات على خلفية نشره تعليقات على «فايسبوك» تنتقد القيادة الفلسطينية، قبل أن يطلق بعد قيام عدد من زملائه بالدعوة إلى تظاهرة في مركز المدينة. وأقام الصحافيون في الأيام الأخيرة سلسلة اعتصامات أمام مقر الجهاز القضائي احتجاجاً على اعتقال الصحافيين. وأعلن الصحافي الشايب إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ أربعة أيام احتجاجاً على توقيفه، علماً أن صحيفة «الغد» فصلت الشايب ونشرت اعتذاراً لكل من وردت أسماؤهم في تقريره بسبب ما قالت إنه عدم توفير أدلة ووثائق لدى الصحافي تدعم تقريره. وأثار قرار الصحيفة جدلاً بين الصحافيين، ففيما اعتبره البعض تخلياً عن الصحافي وخضوعاً للضغط، اعتبره آخرون إجراء مهنياً ضرورياً في حال عدم وجود أدلة تدعم التقرير.