ألهبت فرقة «توت أرض» الآتية من الجولان المحتل قلوب الشباب في «مسرح البلد» في عمّان، إذ ذكّرت على طريقتها بأسلوب مؤسس موسيقى الريغي بوب مارلي. واختتمت الفرقة «مهرجان أرض وكرامة»، بعد أسبوع حافل من النشاطات الفنية والسياسية والثقافية، وقدمت أغانيها التي تحتفل بالإنسان والطبيعة والوطن، كاسرةً الحصار الذي يتعرض له أبناء الجولان السوري المحتل بخطوة في اتجاه أول عاصمة عربية تستقبلهم، لتليها، على ما تعد الفرقة، خطوات في اتجاه عواصم عربية أخرى، ومن المحتمل أن تكون القاهرة على رأس القائمة. أُسست فرقة «توت أرض» في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، في قرية مجدل شمس في الجولان المحتل، وتضم 6 عازفين. انتجت أول ألبوم لها «ثوري أند بوري»، وقدمت عروضها في فلسطين والجولان، إضافة إلى تأدية أغاني الفنان الجامايكي الراحل بوب مارلي. ويقول الفنان حسن نخلة، وهو أحد مؤسسي الفرقة: «نمزج أكثر من نوع موسيقي، لكن موسيقى الريغي هي التي نستند إليها. ونحاول أن نتواصل مع العالم العربي من خلال أغانينا التي تحاكي يوميات الإنسان وهمومه». حفلة فرقة «توت ارض» الجولانية في عمّان هي الأولى لشباب آتين من أراض محتلة قلما يتسنّى التواصل معهم، إلا من خلال مهرجانات غربية، وهذا ما يسعى أعضاء «توت أرض» إلى تغييره، لأن تحرّكهم في العواصم العربية، والتعارف بينهم وبين أقرانهم العرب، هو في ذاته تحدٍّ للاحتلال ومناهضة له ولمحاولاته عزل أبناء الأراضي المحتلة وحصار هويتهم العربية. هكذا، فوجئ الجمهور الشبابي الأردني إيجاباً بفرقة «أرض توت» التي لم يكن يعرفها من قبل، وأكد نجاح الحفلة الازدحام الذي شهدته قاعة المسرح التي امتلأت مقاعدها وظل الحضور يتوافدون قانعين بمتابعة الحفلة وقوفاً، طوال أكثر من ساعة ونصف الساعة، ما لفت انتباه أعضاء الفرقة والمهتمين بالموسيقى الشبابية على حد سواء. ويقول نخلة: «حفلتنا في عمان مهمة لنا كفرقة، لأنها باب نشرّعه على الجمهور لنقدّم له أسلوبنا الموسيقي الذي نمزج به الريغي مع الموسيقى الشرقية، في حين أننا لم نستقر بالضرورة على لون، فنحن ما زلنا نبحث عن أنفسنا، عن الشكل الحديث والمعاصر الذي نشعر بأنه يعبّر فعلاً عما في دواخلنا. بدأنا في مجدل شمس وفلسطين ونسعى إلى تقديم حفلاتنا في مدن عربية، ونتمنى أن يستقبلونا». حفلات صغيرة هنا وهناك في بدايات فرقة «توت أرض»، لكن إنتاجها الموسيقي ما لبث أن تحول حفلات لافتة في فلسطين، «وبدأنا ننشر أغانينا على مواقع التواصل الاجتماعي، لكننا الآن نعمل على تطوير أنفسنا، نكتب أغانينا بأنفسنا، وهي تحكي عن واقع الاحتلال وتمردنا عليه، وعن حبنا للطبيعة والإنسانية». يفضل أعضاء الفرقة ألا يبتلعهم العالم التجاري، وألا يصبح المردود المالي هو الأساس، خصوصاً في المرحلة التي ما زال فيها الموسيقيون يجربون ويبحثون عن هويتهم. «هدفنا الآن تقديم موسيقى وإغان هادفة ومفرحة»، يقول نخلة. «نحب، بكل بساطة، أن نعزف ونغني، ونسعى في المستقبل إلى الاستفادة مما نختبره في مضمار الموسيقى الشرقية، فنُدخل على موسيقانا آلات جديدة تكون أيضاً متناسبة مع ما نعزفه الآن».