غيّب الموت صباح أمس (الجمعة) عبدالمحسن العكاس، الذي بدأ حياته العملية مخططاً لسياسات أرامكو، وتعدت سيرته الآفاق، حتى تم استقطابه من شركة «ستاندرد أوبل» في سان فرانسيسكو لمدة عام لإدارة السياسات والتخطيط، حتى توالت عليه المناصب والعروض ما بين جامعة الملك سعود التي عمل فيها أستاذاً بكلية العلوم الإدارية، وعدد من الشركات والجهات الحكومية التي تنقّل بينها باحثاً ومخططاً وإدارياً، حتى أصبح عضواً لمجلس الشورى، ثم وزيراً للشؤون الاجتماعية. عبدالمحسن بن عبدالعزيز العكاس، صاحب الخبرة المتنوعة التي كانت نتيجة لتحصيله العلمي المميز، إذ حصل على شهادة البكالوريوس من جامعة واشنطن - سياتل، التي تعدّ من أعرق الجامعات الأميركية في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية، ليواصل فيها بقية المراحل العلمية، حتى حصل من الجامعة ذاتها على درجتي الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية، لتتولد لديه مكانة علمية امتزجت بخبرة عملية تمخض عنها مشوار حافل بالنجاح وحسن الإدارة وتميّزها. ألبس العكاس سيرته الذاتية بعداً إنسانياً، إذ لم تشغله المناصب عن تجاهل هذا الجانب المهم الذي ظهر جلياً حرصه عليه، فكان له حضوره كنائب لرئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وتلا ذلك منصبه كوزير للشؤون الاجتماعية الذي شكّل نهاية حياته العملية. عُيِّن عبدالمحسن العكاس وزيراً للشؤون الاجتماعية خلال الفترة من 1425ه - 1429 ه، وشهدت فترة عمله قرارات خلقت أسلوباً جديداً أسهم في تسريع عجلة النمو في الوزارة، ليؤكد حسن إدارته لهذا القطاع الذي يمس حياة الكثيرين من أبناء الوطن بشكل يومي. بالحديث عن العكاس وسيرته، يصعب أن تغيب عن الذهن إنجازات عدة حضرت في عهده الوزاري، إذ قامت الوزارة بإنشاء وحدات للحماية الاجتماعية بمناطق عدة في المملكة، تتولى حماية النساء والأطفال الذين يتعرضون للاستغلال والتهديد والعنف، كما أعلنت الوزارة في عهده إجراءات تمس حياة كل مواطن، مثل الكشف المبكّر على حديثي الولادة والمقبلين على الزواج، وكان مثل هذا القرار كفيلاً بأن يوفر الكثير على الدولة والمواطن معاً، كما حظيت موازنة الوزارة بزيادة مهولة للجمعيات، إذ بلغت 300 مليون سنوياً، وكان العكاس على رأس الهرم في الوزارة ويعمل حينها على تشكيل المجلس الأعلى للإعاقة، وكانت هذه الزيادة ملموسة بوضوح، إذ استطاعت الوزارة إعطاء التراخيص اللازمة ل 479 جمعية لدعم مؤسسات المجتمع المدني. وإيماناً منه بأهمية دور المرأة وتسهيل تعاملاتها المتعلقة بالضمان الاجتماعي، شهد عهد العكاس افتتاح أول مكتب نسائي للضمان الاجتماعي، إضافة إلى ذلك ارتفعت القروض من الصندوق الخيري لمساعدة الأسر الفقيرة في الإنتاج وأيضاً المنح التعليمية للمحتاجين إلى 80 مليون ريال. وفي إطار تنفيذ برنامج التنسيق الوظيفي، قام الصندوق الخيري بالتعاون مع عدد من الجهات والمؤسسات المختلفة في القطاع الخاص بتوظيف المستفيدين من برنامج المنح التعليمية والتدريبية على مستوى المملكة بكلفة إجمالية تجاوزت 5 ملايين ريال. وكان من أبرز انجازات العكاس أيضاً، الاتفاق على تأمين سيارات مخصصة لذوي الإعاقة بكلفة 133 مليون و300 ألف ريال، وكان عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في المملكة ممن تنطبق عليهم الشروط يصل إلى 20 ألفاً في 37 مركز تأهيل شامل. عبدالمحسن العكاس... رحل عن الدنيا وأعماله لا تزال تعيش في وجدان الكثيرين ما بين أيتام وأرامل، وكل من له صلة بالشؤون الاجتماعية.