من خلال مشاركتي ومتابعتي ل«تويتر» وجدت أن هناك مفاهيم ورؤى متباينة لرؤية معظم المتواصلين والمغردين فيه، هناك من يعتقد أن المسألة «شات دردشة» في كل شيء، هناك من يرى أن المكان لا يصلح إلا أن يكون مرتعاً للحكم والأمثال والنظريات، ومن يسهب في هذا الجانب أجد أنه أبعد الناس عن الحكمة، بل إن من لديه غلواً في جانب عرض وطرح الأمثال، هو شخص يريد أن يخفف من وطأة الحمل الذي عليه تجاه المجتمع، من خلال فكرة «أنا عملت اللي عليّ» وأوصلت رسالة سامية للمجتمع، هناك من يرى «تويتر» مكاناً للتنفيس والفضفضة الخاصة، وهناك من تمرّس في سرد الأقاويل التي تتضمن الغمز والهمز، ويتنفس من خلال هذا الأسلوب ولا يستطيع الحياد عنه. الكثير من المغردين مهووسون بتلقف ونشر الزلات والهفوات، ويعتبرون «تويتر» هي المحضن المناسب لنشرها، كما يوجد من نشأ على ثقافة المنتديات، وتصوّر أن «تويتر» منتدى، فبدأ في عرض المقاطع المتتابعة، وبين كل تغريدة مبهمة وتغريدة أخرى يبرئ ذمته بكلمة يتبع. صنف من المغردين، وهم كُثر، ظن أن «تويتر» عبارة عن مدونة يراها الجميع، لذا استبسل في عرض مغامراته وقصصه الخاصة التي لا سند لها. هناك فئة كبيرة كذلك لا تُحسن التغريد وتسيء للقراء من خلال «جروبات» خاصة يتداولون في ما بينهم أحجيات وكلمات خاصة بهم، بينما، نحن المتابعين، لا نفهم منها شيئاً، أو نعي مغزاها، لأن المعاني في بطونهم، وليس لنا إلا أن نختزل جزءاً كبيراً من وقتنا الثمين لنطالع ونقرأ كلمات متقاطعة لا يفهمها أو ينتفع منها إلا ثُلة، والعجب لِم تشنفون أعيننا قبل آذاننا بهذا الأمر، وتفرضون علينا أن نقرأ لكم؟ حين برّر الصحابة «رضوان الله عليهم» الجلوس في الطرقات، وأنها مما ليس لهم بُدّ عنها، فصّل الأمر النبي «عليه الصلاة والسلام» بقوله «إذاً اعطوا الطريق حقه»، من خلال «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَر»، هذه التوجيهات من يتأملها في واقع المواقع المتخصصة في التواصل الاجتماعي لا يجد لها أي أثر إلا ما ندر. واقع «تويتر»، من دون مجاملة، بدأ يصيب المتابع له بالتضجر، المؤمل من هذا التجمع النخبوي هو تلاقح الأفكار، وعرض التجارب، وإبراز الهمّ العام، والعمل على معالجة السلبيات التي تضطرم بها مجتمعاتنا وأقاليمنا، المرجو من النخُب العمل على توجيه المجتمع، وزيادة آفاقه المعرفية والثقافية تجاه القريب وتجاه الآخر، المؤمل من «تويتر» رفع معدل الإدراك للمسؤوليات التي على عاتق كل مواطن تجاه هذا الكيان الذي يتعايش فيه. كما أجد أن حرص الكثير على تتبع السقطات واستيرادها، بعد أن عفا عليها الزمن، أمر يستحق الدراسة والتأمل، والسؤال المهم: هل نحن مجتمع نستمتع بالأجواء الفضائحية؟ وهل القيم التي تربينا عليها أغفلت جانب التغافل؟! عضو الجمعية السعودية الدعويّة [email protected]