خلع وزير العدل الدكتور محمد العيسى، الكثير من الألقاب والأوصاف تجاه موظفي هيئة الأمر بالمعروف والنهي على المنكر، في «برنامج توجيهي للأعضاء الميدانيين»، إذ اعتبرهم «جبين الأمة المضيء وناصيتها المشرقة»، وبأنهم «صمام أمان المجتمع في دينه وسلوكه»، و«رعاة الخيرية والمحافظون عليها»، كما وصفهم ب«الجسم المضاد لأي جسم غريب في المجتمع لينتصر عليه»، مضيفاً، «هم حماة الفضيلة وحراس السفينة»، وغيرها من الأوصاف التي «شنفت» آذان أعضاء الهيئة الميدانيين، الذي خُصص لهم هذا البرنامج «التوجيهي». ودافع وزير العدل، في اللقاء الذي جمعه برجال الهيئة الميدانيين في الرياض أمس، عن الأخطاء التي يقع فيها موظفو الهيئة، موضحاً أنها «أخطاء فردية»، وبأن «رجال الهيئة ليسوا ملائكة حتى لا يخطئون»، مضيفاً: «إذا أخطأ ربما لا يقصد، ولكن الأهم أن يُعالج الخطأ ولا يتكرر»، معتبراً أن «هناك من يصطاد بالماء العكر ويجعل من الأخطاء الفردية أخطاءً عامة ومؤسسية تقدح بالجهاز ورجاله، وهذا حكم ظالم وتلاعب بالمفاهيم وتشويش على الرأي العام، الذي يتأثر بهذه الآراء»، داعياً «الجميع من مسؤولي الجهاز إلى عدم ترك فرصة لحدوث مثل هذه (الأخطاء)». ولعل وزير العدل، بعد أن كال «المديح» لموظفي الهيئة ودافع عنهم «بقوة»، في البداية توطئة لتمرير «رسائل توجيهية وتنبيهية ما بين السطور»، خصوصاً للعاملين في الميدان، إذ حثهم على «التمكن من قلوب الناس بالحسنى»، مشدداً على أن «كل شيء يمكن أن يؤخذ بالقوة إلا الفكر، لذا يجب أن تترجم أفعالكم بالخلق والفكر»، داعياً «رجال الهيئة» إلى «التعامل بالرحمة والشفقة في العمل الميداني، لأن الذي أمامك هو أخوك، وإن كان يجادلك في باطل فيجب أن ترحمه أكثر وتعطف عليه بزيادة»، مضيفاً: «لا تتحمس سلباً لأنه سيقابلك بتحمس سلبي... وبكره تحصلها على صفحات الجرائد»، منبهاً على «ألا تحمل الناس بالقوة على مرادك بقوة النظام بل بالحسنى والبشاشة واللطف والابتسامة وهذه صدقة لك»، داعياً إلى «التفاؤل، لأن في الناس خير... وأحسنوا الظن بالناس لأن من قال هلك الناس فقد أهلكهم». وهاجم العيسى، من وصفهم «بمناوئ الهيئة»، معتبراً أن «من يقدح في عمل الهيئة هو قليل في دينه أو مدخول في خلقه وسلوكه»، مشدداً على أن «الأخطاء الفردية لا يتحملها الجهاز، فالناس بشر ويخطئون»، مطمئناً «رجال الحسبة»، بأن «الذين لهم كتابات سلبية تجاه الهيئة بعدد أصابع اليد، ولا يهمونكم لأنه لا يصح إلا الصحيح»، لافتاً إلى أن هناك من «العداء للهيئة يأتي أكثر من الخارج، وهناك من يكتب من الخارج وكأنها من الداخل»، مشيراً إلى أن «العداء من البعض تجاه الهيئة طبيعي، لأن النبي لم يسلم منه بل سبوا الله... فلا بد من الصبر والاحتساب». وقال إن «البعض لديه ازدواجية معايير في مفهوم الحرية، ويريد أن يفرغ شحنات ويمرر أجندة عن طريق هذه الحرية»، مضيفاً: «لذلك جاء الأمر الملكي المعدل لنظام المطبوعات والنشر الصادر أخيراً بإعادة الأمر لنصابها الصحيح وبالحزم في هذا الأمر، إذ وصلت العقوبات لنصف مليون تطاول كل من تسبب في نشر الخبر إذا كان مفترياً»، موضحاً أن «الإساءة والإرجاف من في بعض الكتابات لعمل الهيئة لم تزيد إلا صبراً، ولم يزد الدولة إلا غيرة على الاحتساب وحرصاً». غير أن وزير العدل، شدد على أهمية حسن اختيار «القيادات من رجال الهيئة، خصوصاً الميدانيين»، مبيناً أنه «عندما نحسن الاختيار فأننا سنخلص إلى عمل من أعمال شعائر الإسلام، ويترجم ثقة الدول في هذا الجهاز الشرعي الذي تعتز به الدولة»، مذكراً رجال الهيئة بأن «الافتراء والإساءة للجهاز تأتي عندما تكون اجتهادات فردية داخل الجهاز والتوسع في السلطة التقديرية، فعندئذ تقدم هدية غالية ومجانية لمناوئ هذا الجهاز عندما تخرج عن النطاق وتغرد وحدك»، مضيفاً: «أنت رضيت بدخول هذا الجهاز بنظامه وترتيبات ولي الأمر فتقيد بها». وأبان أن «رؤساء الهيئات رجال ضبط جنائي لا يقومون بالتحقيق إلا في ظروف استثنائية محددة تخدم مرحلة الاستدلال فقط، وعندما يتوسع فيها ويخرج عن النطاق يسيء الشخص لنفسه ولجهازه، ويقدم هدية للمناوئ ومن يصطاد في الماء العكر ومن يسعد بها في الخارج، لذا فاقطعوا الطريق عن ذلك»، مشدداً على أن «الاهتمام بالجانب الوقائي والتوعوي أفضل من معالجة المشكلة ألف مرة بعد وقوعها». وقال العيسى، إن «البعض قد يقول إن الاحتساب تقوم به العديد من الأجهزة الرقابية التي تقوم بعمل الهيئة، وأرد عليهم بأن عمل الهيئة يمثل الغالب في معنى الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لدى السواد الأعظم من الناس والعبرة بالغالب الأعم»، مبيناً أن «جهاز الحسبة جهاز تنفيذي يعمل وفق سلطة تقديرية محدودة جداً». ودعا «رجال الهيئة» إلى أن «يكونوا ذا وعي وثقافة واطلاع بعملهم الذي يقومون به، فلا بد من القراءة والاطلاع، وأن يحصلون على دورات في التطوير الذاتي والفكري، والهيئة قادرة على هذا».