شرح وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في مؤتمر صحافي عقده امس، مبادرة قانونية للبنان حول الأحداث في غزة والموصل، بعدما كان اجتمع في مكتبه مع بطريرك السريان الأرثوذكس اغناطيوس افرام الثاني يرافقه مطران بيروت للسريان الأرثوذكس دانيال كورية، مطران لبنان للسريان الكاثوليك جهاد بطاح، المعاون البطريركي للكلدان من بغداد شليمون وردوني، مطران لبنان للكلدان ميشال قصارجي، راعي كنيسة المشرق الآشورية المونسنيور يترون كوليانا، والأمين العام للقاء المسيحي المشرقي رئيس الرابطة السريانية حبيب أفرام. ثم عقد اجتماعاً موسعاً ضمهم إلى سفراء بريطانيا طوم فليتشر، وفرنسا باتريس باولي، والصين جيانغ جيانغ، وغاب سفيرا روسيا ألكسندر زاسبكين والولايات المتحدة ديفيد هيل بداعي السفر. وقال باسيل: «نحن اليوم أمام أحداث مأسوية تحصل في غزة والموصل، ولبنان يتأثر بها بشكل مباشر. فالأثر الفلسطيني على لبنان متعدد الأوجه، أما في ما يتعلق بقضية الموصل، حيث يتم تهديد مجموعات بسبب انتمائها الديني، فيناقض النموذج اللبناني ويهدد وجود لبنان بشكل مباشر». وقال: «موقفنا اليوم مبدئي ورسالتنا إنسانية تتخطى أي اعتبار سياسي أو ديني، لبنان يؤمن بأنه يجب أن يكون هناك قانون دولي يحمي الدول الصغيرة والشعوب ويعطيها حقوقها بالحرية وإمكان الوجود. هناك إسرائيل التي لا تعترف بالقانون الدولي وكل جرائمها التي ارتكبتها تقع تحت عنوان جرائم الحرب، وفي المقابل هناك الجماعات التكفيرية التي لا تعترف، ليس فقط في القانون الدولي وإنما أيضا في القانون الوضعي، ولديها قوانينها الخاصة، والوضع السياسي المستفيد هو واحد إلغاء الهوية العربية والمشرقية التي فيها تعدد وتعايش واعتراف بالآخر، وفي المقابل هوية واحدة، قال عنها المفتي (طرابلس مالك) الشعار إنها ليست بشرية، وليس لها أي اعتبار ثان، ولا يمكن التعامل معها في ظل تعاملها مع عدم وجود إنسان يحق له الحياة». وتحدث عن «مبادرة الحكومة نحو مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالتحرك في هاتين القضيتين». وقال: «يأمل لبنان من الرسالة التي وجهها حض المدعي العام على مباشرة التحقيقات في الاعتداءات الأخيرة على غزة، لا سيما أن فلسطين حظيت بصفة دولة لدى الأممالمتحدة وعدد من المنظمات الدولية التابعة لها، وفي ما يتعلق بالجرائم المرتكبة في مدينة الموصل وجوارها، فإن ما يعيشه مسيحيو الموصل هو اقتلاع من الجذور وإبادة مبرمجة، علماً بأنهم ليسوا طرفا في النزاع القائم ولم يحملوا السلاح ولم يشكلوا خطرا على أي جهة». ولفت إلى أن المبادرة القانونية للحكومة تقضي بمطالبة المحكمة «بالتحرك السريع والفعال للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة من قبل تنظيم داعش». وأوضح أن البطاركة والأساقفة للطوائف الأربعة المعنية مباشرة بالموصل، الذين اجتمع معهم «طلبوا من الدولة اللبنانية أن تقف إلى جانبهم في هذه المأساة لان مرجعيتهم هي الدولة اللبنانية والمسيحيين في لبنان لان الدولة العراقية والحكومة العراقية أخفقت في حمايتهم وتأمين ما يتوجب لهم». وأضاف قائلاً: «أجرينا العديد من الاتصالات مع وزراء خارجية عرب وأجانب وطلبنا الدعم بإجراءات محددة منها المساعدة لانعقاد مجلس حقوق الإنسان في جنيف لإدانة ما يحصل في الموصل ومساعدة الديبلوماسية اللبنانية مع كل الدول المعنية لعقد اجتماع استثنائي للدول الموقعة على معاهدة جنيف لحماية المدنيين خلال النزاعات. وبات من الضروري أن يكون للقانون الجنائي الدولي الآليات الكفيلة بالتصدي للجرائم المرتكبة من قبل تنظيمات إرهابية عابرة لحدود الدول والقاتل للبشر». ولفت إلى أن البطريرك والمطارنة طالبوا «بأكثر من الحماية، بوقف التسليح والتمويل لهذه المجموعات واستغربوا كيف أن دول العالم لا تستطيع أن توقف داعش عن تدحرجها من مدينة إلى أخرى». وكان البطريرك أفرام الثاني عبر في تصريح بعد الاجتماع عن «خوف كبير حيال ما يحصل في المنطقة والذي نتوقع أن يكون بداية لخطوات مماثلة في أماكن أخرى في المنطقة، وهو تهديد مباشر للوجود المسيحي في المشرق الذي شهد ولادة المسيحية، لذا نقدر موقف لبنان باتجاه المحكمة الجنائية الدولية من أجل كل المسيحيين في المنطقة، ونناشد كل الدول التي لها تأثير على كل هذه المجموعات التي تضطهد المسيحيين وتحاول اقتلاعهم من جذورهم القيام بواجبها الإنساني».