تباشر الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة زعيم «ليكود» بنيامين نتانياهو أعمالها اليوم بعد ان تكون نالت ثقة الكنيست في ساعة متقدمة من ليل الثلثاء - الاربعاء. وكان نواب الكنيست استمعوا مساء امس الى خطاب نتانياهو الذي ابدى استعداده للتفاوض على السلام مع السلطة الفلسطينية، من دون ان يأتي على ذكر «الدولة الفلسطينية»، وهو أمر اعتبرته السلطة الفلسطينية «بداية غير مشجعة»، مطالبة الادارة الاميركية بالتدخل. وقال نتانياهو في خطابه: «أقول للقيادة الفلسطينية... اذا كنتم تريدون السلام بحق، فبالامكان الوصول اليه. سنسعى مع السلطة من أجل السلام في ثلاثة مسارات: الاقتصادي والامني والسياسي». وتابع: «سنخوض مفاوضات سلام دائمة مع السلطة بهدف التوصل الى اتفاق نهائي، ولا نريد ان نحكم شعباً آخر. لا نريد التحكم في مصير الفلسطينيين». وتلا برنامج حكومته الذي لم يتضمن اي اشارة الى دولة فلسطينية، واكتفى بالقول انه «يلتزم احراز تقدم في عملية السلام مع جيراننا ومع العالم العربي عموما». لكنه اشترط ان يتولى الفلسطينيون بأنفسهم مكافحة الارهاب، مضيفا: «سندعم الاجهزة الامنية الفلسطينية التي تكافح الارهاب»، مؤكدا ان حكومته «مصممة على كبح الارهاب مهما كان مصدره ومكافحته حتى النهاية». من جانبها، شنت زعيمة المعارضة تسيبي ليفني هجوما كاسحا على الحكومة الجديدة «المنتفخة بعددها ووزراء لشؤون لا شيء»، مضيفة انها اختلفت مع نتانياهو في الرؤية السياسية. واضافت ان على اسرائيل ان تبادر الى خطوات سياسية بدلا من ان تفرض عليها. وتعتبر حكومة نتانياهو، وهي الثانية والثلاثون في تاريخ الدولة العبرية، الأكبر حجماً بعدد وزرائها ال31 وستة نواب وزير، قياساً بعدد النواب الداعمين لها (69 من مجموع 120، وقد يرتفع إلى 74 في حال تم الاتفاق مع الحزب الديني الأشكنازي المتشدد «يهدوت هتوراة». وكان نتانياهو كرس اليومين الأخيرين لإطفاء الحرائق داخل حزبه بعد أن لم يتبق لأركانه حقائب مهمة في أعقاب توزيعها على الشركاء في الائتلاف الحكومي الجديد، ما اضطره إلى تجزئة عدد من الحقائب وابتكار أخرى لإرضاء الموعودين بالتوزير. وفعلا نجح نتانياهو في إرضائهم بمن فيهم الرجل الثاني في الحزب سلفان شالوم الذي قبل منصب وزير التنمية الإقليمية، على ان يكون عضوا في المطبخ السياسي المصغر. وتضم الحكومة الجديدة 23 وزيرا من أصول غربية، و8 من أصول شرقية، وجنرالين، وسيدتين فقط. ومنح نتانياهو حقيبة المال لأكثر الشخصيات المقربة منه، صديق العائلة النائب يوفال شتاينتس البروفيسور في الفلسفة والذي لا يفقه شيئاً في الاقتصاد، ما أثار انتقادات شديدة له. كما عين جدعون ساعر وزيراً للتعليم، فيما تم إرضاء «النجوم الثلاثة» الذين استقدمهم نتانياهو واستخدم صورهم في الدعايات الانتخابية، وهم رئيس هيئة الأركان السابق موشي يعالون والوزيران السابقان دان مريدور وبيني بيغين، بمناصب وزارية ليست جدية، إذ تم إسناد حقيبة «التهديدات الاستراتيجية» للأول، و»وزارة شؤون المخابرات» للثاني، فيما عين بيغين وزيراً بلا حقيبة، على أن يكون الثلاثة في الحكومة الأمنية المصغرة. وبالرغم من ضم حزب «العمل» (13 نائباً) المحسوب على يسار الوسط إلى الحكومة الجديدة، إلا انها تبقى حكومة يمينية بامتياز، أو «حكومة المستوطنين» بالنظر إلى مركباتها الاساسية: «ليكود» اليميني (27 نائباً) و»إسرائيل بيتنا» (15 نائباً) بقيادة المتطرف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، و»شاس» (11 نائباً) الديني الشرقي المتزمت، و»البيت اليهودي» (3 نواب) المتطرف، وجميعها يدعم الاستيطان ويرفض مبدأ «دولتين لشعبين»، وهو المبدأ الذي لم يشترطه حتى «العمل» لدخول الحكومة. ومع هذه الأجندة المتشددة، تنطلق الحكومة الجديدة في عملها، في وقت تشغل رئيسها قضيتان أساسيتان، الأولى اقتصادية، والثانية «التهديد الايراني» الذي تتفق كل الأحزاب على أنه قضية وجودية للدولة العبرية. أما القضية الفلسطينية، فتأتي في مرتبة متأخرة على جدول أعمال نتانياهو الذي يتحدث عن «سلام اقتصادي» لا عن حل سلمي.