حصل هذا المشهد في طائرة خلال رحلة بين جوهانسبورغ ولندن. في مقاعد الدرجة السياحية كانت هناك امرأة بيضاء في حوالى الخمسين من عمرها تجلس إلى جانب رجل أسود... وكان من الواضح أنها كانت متضايقة جداً من هذا الوضع، لذلك استدعت المضيفة وقالت لها: من الواضح أنكِ لا ترين الوضع الذي أنا فيه، لقد أجلستموني إلى جانب رجل أسود، وأنا لا أوافق أن أكون إلى جانبه... يجب أن توفروا لي مقعداً بديلاً. قالت لها المضيفة، وكانت عربية الجنسية: اهدئي سيدتي، كل المقاعد في هذه الرحلة ممتلئة تقريباً، لكن دعيني أبحث لكِ عن مقعدٍ خالٍ. غابت المضيفة دقائق ثم عادت وقالت لها: سيدتي، كما قلتُ لكِ، لم أجد مقعداً واحداً خالياً في كل الدرجة السياحية... لذلك أبلغت الكابتن فأخبرني أنه لا توجد أيضاً أي مقاعد شاغرة في درجة رجال الأعمال... لكن يوجد مقعد واحد خالٍ في الدرجة الأولى الممتازة... وقبل أن تقول السيدة أي شيء، أكملت المضيفة كلامها: ليس من المعتاد في شركتنا أن نسمح لراكب من الدرجة السياحية أن يجلس في الدرجة الأولى الممتازة... لكن وفقاً لهذه الظروف الاستثنائية فإن الكابتن يشعر أنه من غير اللائق أن نُرغم أحداً أن يجلس إلى جانب شخص لا يرغب في الجلوس إلى جانبه، لذلك... والتفتت المضيفة نحو الرجل الأسود وقالت: سيدي، هل يُمكنك أن تحمل حقيبتك اليدوية وتتبعني، فهناك مقعد ينتظرك في الدرجة الأولى الممتازة! في هذه اللحظة وقف الركاب المذهولون الذين كانوا يُتابعون الموقف منذ بدايته وصفقوا بحرارة للمضيفة لتأديبها غير المباشر للسيدة البيضاء. مخلوقون من «نطفة» وأصلنا من «طين» وأرقى ثيابنا من «دوْدة» و»أشهى طعامنا من «نحلة»... ومرقدنا «حفرة» تحت الأرض... فلماذا هذا التكبر؟ لماذا هذا التكبر؟