فجّرت محكمة عسكرية في مصر أمس مفاجأة من العيار الثقيل، وبرأت عدداً من أبرز قيادات جماعات العنف الديني كانت صدرت بحقهم أحكام غيابية في قضية «العائدون من ألبانيا»، أبرزهم منظر جماعة «الجهاد» سيد إمام الشريف المعروف إعلامياً ب «الدكتور فضل»، إضافة إلى محمد الظواهري شقيق زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري ومحمد شوقي الإسلامبولي شقيق خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس السابق أنور السادات. ويفتح الحكم المجال نحو إنهاء ملف الإسلاميين المحكومين على خلفية الانخراط في أعمال العنف التي شهدتها مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، خصوصاً أن البرلمان يتجه نحو إقرار قانون يلغي سلطات الرئيس بإحالة المدنيين على القضاء العسكري ستتبعه إعادة لمحاكمة الإسلاميين المتورطين في قضايا إرهاب ويقضون أحكاماً بالسجن. ويعد سيد إمام الشريف واحداً من أبرز القيادات الإسلامية في السجون، وهو كان أطلق مراجعات فكرية تخلى بموجبها عن تأييده للعنف. وكانت المحكمة العسكرية أصدرت أحكاماً بتبرئة كل من الشريف والظواهري والإسلامبولي، إضافة إلى الرائد السابق في الجيش المصري عبدالعزيز الجمل، والقيادي في جماعة «الجهاد» علاء سرحان الذين كانت صدرت ضدهم أحكام بالسجن والإعدام العام 1998 بعد إدانتهم ب «الانضمام إلى تنظيم غير مشروع متورط في أعمال إرهابية». وأكد محامي «الجماعة الإسلامية» إبراهيم علي ل «الحياة» أن الشريف والظواهري والإسلامبولي «سيعودون إلى منازلهم لأنهم غير متورطين في قضايا أخرى»، موضحاً أن القضاء العسكري كان وافق في حزيران (يونيو) الماضي على إعادة محاكمتهم. وأشار إلى أن محكمة عسكرية أخرى ستفصل غداً في قضية «العائدون من أفغانستان» المتهم فيها مصطفى حمزة، وهو أحد مدبري محاولة اغتيال الرئيس المخلوع حسني مبارك في أديس أبابا، وعثمان السمان ورفاعي طه، متوقعاً «إغلاق ملف الجماعات الإسلامية في السجون خلال وقت قريب». ووافقت أمس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان على إلغاء المادة السادسة من قانون القضاء العسكري التي كانت تعطي رئيس الجمهورية الحق في إحالة أي من الجرائم على القضاء العسكري، كما قررت إرجاء النظر في إلغاء المادة 48 من نفس القانون التي تنص على أن كل سلطة قضائية هي وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخلاً في اختصاصها أم لا «لدراسة الأمر من الناحية القانونية»، كما طلبت اللجنة مهلة أسبوع لدرس مطالبة النواب بإلغاء كل الأحكام العسكرية التي صدرت في حق المدنيين. وكان عضو المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين الذي حضر اجتماع اللجنة رفض إلغاء تخويل القضاء العسكري بتحديد ولايته القضائية دون غيره، كما رفض مطالب النواب إلغاء الأحكام العسكرية الصادرة بحق مدنيين، معتبراً أن «هذا موضوع خطير لأن ما صدر من أحكام خضع للقانون ولا يمكن التغول من جانب السلطة التشريعية على السلطة القضائية»، وهو ما قابله نواب باعتراضات.