اختار الفنان الفوتوغرافي مصلح جميل الصحراء لعرض أعماله، وذلك «كفعل احتجاجي على عدم دعم الفنون، إضافة إلى أنني أعتبر الفكرة أيضاً فعلاً جمالياً واحتفالياً بالصحراء». وقال: «أنا لا أذهب إلى الصحراء لالتقاط صور جميلة أو توثيقية فحسب، بل أعود إليها لتحتضن إنتاجي الفني الذي هو جزء منها. والعرض في الصحراء، وإن كان لساعات أو أيام قليلة، يمنحني الرضا ويشعرني بأنني أقوم بفعل مناصرة فنية، فأنا مؤمن بأن هذه الممارسة ستكسر كليشيهات المعارض الفنية المحلية، سواء الفوتوغرافية أو الفنية عموماً». وتحدث جميل عن الهدف من مشروع «حياة على الهامش» الذي عرضه في الصحراء، والقائم على صورة فوتوغرافية توثّق لحياة رعاة الأغنام: «الهدف هو إيصال رسالة، سواء عبر الصورة الفوتوغرافية أو عبر جعل معرض صحراوي يشيع الحالة الإنسانية والاقتصادية لهؤلاء البشر. هذا هدف فني مهم، فأنا أحاول أن أؤسس لفوتوغرافيا لا تتوقف عند العناصر الجمالية، بل تقدّر أيضاً إمكانات الصورة كوسيلة». التقط مصلح جميل صوره، المعروضة الآن، على مدى سنوات، موثّقاً حياة الرعاة في الصحراء: «لم أسمح للكاميرا بأن تذهب أبعد من تصوير الرعاة كما يعيشون في فضاء الصحراء، حاولت ألا أمسرح الصور، وأنا أبقي كاميرتي ونفسي خارج المشهد لأفسح في المجال أمام الصورة كي تكون نافذة المشاهد التي يطل منها على الحياة في الصحراء. تجنّبت التقاط صور تراجيدية، ولم أرد دراما في المشاهد التي أصورها، كان هدفي التوثيق بكل صدقية وفي أبسط أشكال التوثيق». غير أنه سمح لكاميرته، عندما أذن له بعض الرعاة بتصويرهم من قرب، بأن تلتقط صوراً تتيح للراعي، من مكانه في قلب الصحراء، أن ينظر مباشرة في عيني المشاهد، «من أجل إيجاد حوار بين الاثنين». بلا خطابة ويضيف: «سعيت إلى ألا يتحول المعرض إلى حالة وعظ وخطابية مملة، فقد حرصت على أن تكون الصورة الفوتوغرافية ذات معايير فنية تنقل التوثيق إلى مستوى الفن، وألا أروج للمعرض خلال فترة العرض كشكل مناصرة أو احتجاج فحسب، فهو أيضاً عمل جمالي يبرز في مقاطع الفيديو التي أنتجتها كما في الصور المعروضة». عرض جميل أعماله في خمسة مواقع في صحراء المنطقة الشرقية ومنطقة الرياض، وما زال أمامه بضعة أسابيع قبل انتهاء فترة العرض المنتقلة مع انقضاء فصل الربيع. وهو يصف معرضه «برحلة مغامرة، يكفي أنك تحمل معرضك كاملاً في كيس بلاستيكي وتعرض لساعات أو لمدة يوم ثم ترتحل إلى صحراء! هذا يشبه حياة رعاة الأغنام والجمال، هناك، في حياة هامشية بعيداً من مادية الصالات وبروتوكولات المعارض».