ربما الشيء المميز هذا الموسم في كرتنا هو ظهور جيل جديد من الشباب الموهوبين ممن لديهم القدرة على تقديم أنفسهم بشكل إيجابي يخدم كل منتخبات الوطن. لا أريد أن استعجل وأحكم على هذا الأمر بأنه نتاج الأكاديميات التي أصبحنا نشاهدها في بعض الأندية، لكنني في الوقت ذاته لن أتجاهل هذا الأمر، فالمواهب موجودة ونراهم تقريباً في كل مباريات دوري «زين» والمسابقات الأخرى. الهلال حصل على بطولة كأس ولي العهد بسلاح الشباب والحيوية ومن دون أجانب، والأهلي يملك قاعدة ممتازة من الشباب بدليل حصوله على بطولة الأمير فيصل بن فهد تحت 21 سنة، في النصر كذلك شباب في الأولمبي يقدمون أنفسهم بشكل أكثر من رائع منذ موسمين، غير أن الفكر الذي يُدار به الفريق حرمهم من الظهور في المنافسات القوية، والاتحاد والاتفاق والقادسية وجميع الأندية يملكون نجوماً شباباً سيكون لهم ولكرتنا معهم مستقبل مختلف، فقط هم يحتاجون إلى الدعم والمحافظة على أنفسهم من أي شيء قد يعيق تقدمهم نحو النجومية. الأندية دورها في هذا الجانب -وتحديداً في هذا الوقت الذي يتقاضى فيه النجم مبالغ طائلة نظير موهبته- لا يجب أن يقتصر على التدريب ورفع مستوى الأداء الفني، بل يجب أن يكون دورها أبعد من هذا، فاللاعب الموهوب ثروة وطنية متى ما وُضع له برامج مختلفة تتناول كل جوانب حياته حتى تساعده على المحافظة على نفسه وموهبته، وسيصبح بعدها عمل الأندية متكاملاً بشكله العام والجوهري. النجومية قد تحضر لأي لاعب من خلال مباراة أو موسم كامل، لكن المحافظة عليها تحتاج إلى عمل وجهد، ولن تتحقق إلا من خلال الانضباط ودقة الالتزام بمواعيد التدريب، والتغذية، والخطط، والمجهود المبذول في التمارين وأثناء المباريات، وعزل النفس تماماً عن كل ما هو خارج المستطيل الأخضر. أكثر ما يجب أن نخشاه على نجومنا الشباب هو الغرور، وهذا أمر يحتاج إلى تهيئة حتى لا يُصدم هذا الشاب بعالم الشهرة والمال ويبدأ في التعالي على الجمهور وعلى مدربه، ويشعر بالكبرياء، وقد ينسى أنه لا يزال في أول الطريق، ومن ثَم سيخسر كل شيء متى ما اهتم بمثل هذه التصرفات، ونشوة النجومية في البدايات قد تفرض عليه التخلي لا إرادياً عمّا يملكه من موهبة وإمكانات فنية عالية، ويذهب في اتجاه آخر لا نتمناه لمثل هؤلاء الشباب الموهوبين، والساحة الرياضية حبلى بمثل هذه القصص على مر التاريخ الرياضي لكرتنا. عندما تعمل الأندية على تحصين نجومها ضد السقوط والتراجع فهي بهذا تحميهم من الانسياق خلف ملذات الشهرة والمال، وتقدم واجباً من واجباتها تجاه هذا النجم الذي هو في الأساس -وقبل أن يكوّن ثروة وطنية- مورد اقتصادي مهم لأي نادٍ؛ لأنه سيحقق عائداً فنياً متى ما مثل الفريق، وسيكون مورداً مالياً لناديه متى ما قررت إدارته بيع عقده. إذاً، في النهاية الأندية التي تنجح في المحافظة على نجومها هي في الأساس تحافظ على استثماراتها الفنية والاقتصادية، فالنجوم هم من يقدمون البطولات لجماهيرهم، وهم من يساهمون في رفع المداخيل المالية لأي نادٍ. وبعبارة أخرى، إن بيع عقد لاعب قد يحل مشكلات مالية كبيرة لأي نادٍ من أندية الوطن، وقد يحقق النادي نقلة اقتصادية ويؤسس مشاريع استثمارية يكون لها عوائد مالية ثابتة تغنيهم عن الإعانات والمعونات والهبات.. كل هذا يحدث من خلال المحافظة على النجوم الشباب وإعدادهم للمستقبل.. وحتى تنجح أنديتنا في هذا الأمر هناك عوامل كثيرة متى ما عملت الأندية بالتعاون مع كل الأطراف التي تحيط ببيئة هذا الشاب الموهوب سنحقق حينها الفائدة المرجوة من تلك المواهب لرياضتنا في المقام الأول. [email protected]