مع اقتراب عيد الفطر، ودخول الحرب الدائرة في قطاع غزة يومها السادس عشر، بدأ الحديث للمرة الأولى عن تحقيق «تقدم» نحو وقف للنار عكسته تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وجولته المكوكية بين إسرائيل ورام اللهوالقاهرة، وتأكيد مصادر فلسطينية في القاهرة أن اتفاق التهدئة قيد الصياغة. (للمزيد) حديث التهدئة جاء على وقع يوم دام آخر نفذت خلاله إسرائيل مجازر في منطقة خزاعة والشجاعية، وأدت إلى استشهاد 51 فلسطينياً، لترتفع بذلك حصيلة الشهداء منذ بدء الحرب إلى 682 على الأقل، أكثر من 80 في المئة منهم من المدنيين، إضافة إلى نزوح 20 ألفاً من منازلهم. كما أعلن الجيش الإسرائيلي إلقاء 120 قنبلة على حيي الشجاعية والتفاح شرق غزة، زنة كل واحدة منها طن واحد، وقصف محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع، ما أدى الى انقطاع التيار الكهربائي عن معظم مناطق القطاع لفترات تصل الى نحو 20 ساعة يومياً. في المقابل، كبدت المقاومة الفلسطينية إسرائيل خسائر على مستويات عدة، إذ أعلنت تل أبيب أمس مقتل 5 عسكريين، هم ضابط وجنديان مساء أمس وجنديان صباح أمس، إضافة إلى 31 جريحاً أمس، ليرتفع بذلك عدد القتلى إلى 32 جندياً، والجرحى إلى 250 منذ بدء الحرب البرية، في حين أصيب قطاع السياحة بأضرار جسيمة بعد تمديد شركات طيران غربية، خصوصاً أميركية، وقف رحلاتها إلى إسرائيل منذ مساء الثلثاء، وهو أمر اعتبرته حركة «حماس» أمس «انتصاراً كبيراً للمقاومة، وتتويجاً للفشل الإسرائيلي، وتدميراً لهيبة الردع الإسرائيلية». سياسياً، كشف رئيس كتلة «فتح» البرلمانية عزام الأحمد الموجود في القاهرة لوكالة «معا» الفلسطينية للأنباء أمس أنه تجري بلورة صيغة نهائية لوقف النار، مشيراً إلى «تقدم ملحوظ لم يكن موجوداً قبل أيام، ونأمل في أن تكون الساعات المقبلة حاسمة لوقف العدوان ضد الشعب الفلسطيني، خصوصا في غزة». وأفادت الوكالة أن الأحمد ومدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج مددا بقاءهما في القاهرة بعد تقدم ملحوظ في اللقاء الذي جمعهما أول من أمس مع عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق. وكان كيري أجرى محادثات في إسرائيل مع رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو قبل أن يتوجه إلى رام الله للقاء الرئيس محمود عباس، ثم عودته إلى إسرائيل للقاء نتانياهو، قبل أن يتوجه إلى القاهرة. وأعلن في إيجاز للصحافيين في مقر الرئاسة الفلسطينية في ختام لقائه عباس أمس عن تحقيق بعض التقدم في محادثاته مع القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية في شأن وقف النار في غزة. وأوضح عضو القيادة الفلسطينية الدكتور صائب عريقات الذي شارك في اللقاء، أن كيري قدم أفكاراً مجددة لوقف النار، وأنه سيواصل بحثها مع كل من قادة إسرائيل ومصر. وأضاف أن «عباس طلب من كيري وضع هذه الأفكار بالتوزاي وليس بالتوالي»، أي أن يجري وقف النار ورفع الحصار في الوقت نفسه وليس تباعاً. وتابع: «طالبنا رسمياً بآلية تدقيق ومراقبة لضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في شأن غزة، على أن تكون أميركا ومصر جزءاً من هذه الآلية». وفي إسرائيل، كان مقرراً أن تجتمع الحكومة الأمنية المصغرة ليل الأربعاء - الخميس للبحث في تطورات الحرب على غزة، أو في الورقة التي يعمل كيري على بلورتها. وكانت أوساط سياسية إسرائيلية رفيعة استبعدت أمس أن تثمر الجهود الحالية اتفاقاً لوقف النار قبل نهاية الأسبوع، فيما رأى معلقون أن سدنة الحكومة والجيش يبحثون عن «إنجاز عسكري ملموس» قبل وقف الحرب. من جانبه، دافع الرئيس عبد الفتاح السيسي عن المبادرة المصرية لوقف النار، وقال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي في ذكرى ثورة 23 تموز (يوليو) عام 1952 إن «المبادرة المطروحة بمنتهى الاختصار لم توضع فيها شروط من هذا الجانب أو ذاك»، وأن الهدف منها كان أن «نخفف الاحتقان ونوقف النيران وتفتح المعابر بعدما يكون الوضع الأمني مستقر وتدخل المساعدات للناس». وأشار إلى أن تلك التهدئة كان سيعقبها «جلوس الطرفين، ليطرح كل طرف الملفات التي يريد التفاوض عليها، ونحن نتحرك للحل»، داعياً إلى «عدم المزايدة على مصر ودورها». في هذه الأثناء، واصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جولته في المنطقة، ووصل مساء أمس إلى الأردن حيث التقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي طالب خلال الاجتماع مساء أمس بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي على القطاع، قائلاً إنه «يستهدف المدنيين الأبرياء»، ومحذراً من «تداعياته الكارثية على المنطقة». كما أكد «دعم الأردن المبادرة المصرية للتوصل إلى وقف للنار بأسرع وقت ممكن». وكان بان وصل إلى الأردن قادماً من إسرائيل حيث التقى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ووزيرة القضاء تسيبي ليفني، وواصل الدعوة إلى وقف النار، والتوصل إلى حل دائم للأزمة، وفي الوقت نفسه أيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. كما التقى بان في القدسالمحتلة أمس كيري الذي تحدث عن تقدم «بضع خطوات» في جهود وقف النار في غزة، مؤكداً أنه بحاجة إلى مزيد من الوقت. إلى ذلك، دعت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي في كلمتها أمام اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس إلى تحقيق في جرائم حرب قد تكون إسرائيل ارتكبتها في قطاع غزة، كما نددت بالهجمات العشوائية التي تشنها «حماس» على مناطق مدنية إسرائيلية. وقرر مجلس حقوق الانسان أمس تشكيل لجنة دولية لها صفة عاجلة للتحقيق في «كل الانتهاكات» المرتكبة في الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة تمهيداً لمحاكمة المسؤولين عنها. وتبنى المجلس الذي يعد 47 عضواً القرار الذي طرحته فلسطين، بغالبية 29 صوتاً بينها الدول العربية والاسلامية التي انضمت اليها الصين وروسيا ودول اميركا اللاتينية ودول افريقية، فيما عارضت الولاياتالمتحدة لوحدها القرار وامتنعت 17 دولة عن التصويت. وقالت الممثلة الاميركية لدى مجلس حقوق الانسان كيث هاربر: «نعمل بشكل مكثف لضمان الوقف الفوري للاعمال العدائية، لكن هذا القرار لن يساعدنا». وفي المقابل امتنعت عن التصويت كل الدول الاوروبية الممثلة في المجلس، وبينها فرنسا والمانيا وبريطانيا، وكذلك فعلت اليابان.