ينام ثلاثة أرباع السعوديين في منازل ليست لهم، «يعني دشير»، هكذا قالوا لنا في الصغر «اللي ما ينام في بيته داشر»، بمعنى أكثر صحة، لا يملكون منازل، بل تجارب ودلالات على إصابتهم برهاب «صاحب العقار»، حال رعب تلاحق المستأجر، وتعظمها قوانين تمنح ملاك العقار حق الزج بملايين السعوديين في السجون إن أرادوا. يسيطر على سوق تأجير المساكن أفراد ينتمي معظمهم لشريحة رعوية، يسكنون خياماً، يحلبون أغناماً، وكذلك أبقاراً وإبلاً، ثم عندما احتمل الدهر ما احتمل، ترك ماشية، هجر دياراً، وصار إلى ملاك الأبنية ينتمي، «حلاّب طوب»، يدندن عند نهاية كل شهر «جاني الإيجار جاني»، وجميعهم يزداد رصيده النقدي حتى وهم نيام، بينما يتآكل رصيد المستأجر بالتسارع ذاته. يعتبر صاحب العقار أكثر شخصية يخشاها السعودي (المستأجر) ويخافها، أكبر من سطوة أب، رجل أمن، مدير في عمل، فجميعهم يدورون في فلك ضمان «حلب الطوب»، وبناء خيمة من خوف تسد السماء في عيون المستأجر، لدرجة أنه يدخل إلى منزل تسكنه زوجته وأولاده «تلصصاً» وتوارياً من اقتناص صاحب العقار له، أو «البواب»، إذا حان موعد «قصاص الراتب» ولم يتم تنفيذ الحكم. تقول قوانين سعودية - على رغم تعرضها إلى تنقيح متكرر - إنه في حال تعثر المستأجر - ولو موقتاً - يستطيع صاحب البناية كتابة نهاية الدراما بطريقته، فإما سجن، أو طرد عاجل، أو ذل بطيء، كذلك يحق له كتابة الكوميديا بطريقته عندما يرسل رسالة جوال قصيرة بقوة «فرمان عثماني» قد أمرنا بما هو أتٍ، «يا نفرات، زاد إيجارات، آلافات آلافات آلافات». ارتفع بقوة سقف التفاؤل عند دخول شركات محلية وعالمية دائرة سوق تأجير المساكن، أملاً بقدرتها على إعادة صياغة مفاهيم العلاقة الثلاثية بين المؤجر والمستأجر والقانون، ثم تهشم عندما اكتشفنا أن شركات بليونية الموازنة اعتنقت عقيدة «أبو بلكة» تحلب الطوب، وتحرم المستأجر من الماء والكهرباء. يستمر ملاك الأبنية «الأفراد» في حلب الطوب، كذلك زراعة قلوب بنوع جديد من خوف مقيت، مرصود بتسجيل قيام سعوديين «أفراد وعائلات» بهروب من منازل مستأجرة، تاركين خلفهم جزءاً كبيراً من أثاثهم، ثيابهم، وألعاب أطفالهم، أيضاً صور عائلية، خوفاً وخشية من قسوة يمارسها أحدهم لمجرد أنه وضع «بلوكة» فوق «بلوكة»، وأصبح تحت ثوبه مفتاح لسجن. يكاد يكون «أبو بلوكة»، أهون شراً من «أم بلوكة»، وتحديداً عندما يكون المستأجر شاباً وسيماً لبقاً، تحتضن بابه كل شهر، يسبقها تجاعيد، وعطر عيد، مصحوبة بتلميحاتها «إذا انقطع أمل الزواج بك، لِمّ عفشك»، ومع ذلك فهي ذات جبروت أقل من قدرة «حلاّب الطوب» على تربية «بواب عمارة» يستخدم نفوذ سعودي لإذلال سعودي، ويجيد النباح، كل مساء وصباح «فين ازااار بابا». [email protected] @jeddah9000