لا يستهان بأهمية اجتماع رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بالرئيس الاميركي، باراك أوباما، في الخامس من الشهر الجاري. فالسبيل الأمثل لمعالجة الازمة الايرانية هو التنسيق بين الأطراف المعنية، ومنها أميركا وإسرائيل. وثمة تحالف يجمع العالم العربي – ما خلا سورية – الى الدول الغربية والآسيوية للتصدي لإيران نووية. وبدأت تنعقد ثمار العقوبات والقيود المفروضة على ايران، لذا، تبرز الحاجة الى تشديدها. وانضمام روسيا والهند الى هذا التحالف حيوي. وإذا تصدر الملف النووي الإيراني الأولويات الأميركية، أفلحت واشنطن في إقناع موسكو بالمشاركة في العقوبات. وعلى رغم أن نتانياهو اعتبر العقوبات غير مجدية، أرى أن ثمة فائدة ترتجى منها على الأمد الطويل. وأعتقد بأن الإيرانيين قد يعيدون النظر في سياستهم النووية، إذا وجهت اليهم رسالة صارمة مفادها أنهم لن يحوزوا القنبلة النووية وأن ثمن تشبثهم بها باهظ. وأوباما كان أعلن ان «كل الخيارات (والعسكرية منها) على الطاولة»، وحري بالإيرانيين إدراك أن الامور تنحو منحى جدياً، وأن الخيار العسكري احتمال واقعي، إذا لم يعدلوا عن سياستهم. لا أحبذ عبارة «خط أحمر»، فهي تقيد الاحتمالات المستقبلية. ولا شك في أن الوقت ينفد، ولا يسعنا الانتظار الى ما لا نهاية، و «الضغوط» لحمل طهران على التراجع تتعاظم. والايرانيون مدعوون الى إدراك أن لحظة الحسم تقترب، على رغم أنها لم تُبلغ بَعد. ولا أستسيغ الكلام على حل عسكري، على رغم توافره، لكنني ربما الوحيد في الحكومة الاسرائيلية الذي يرى أن الكلام في العلن على مثل هذا الحل غير مفيد. وإذا حازت ايران القنبلة النووية في عهد نظامها الحالي وإيديولوجيته الرامية الى تصدير الثورة والهيمنة على العالمين الإسلامي والعربي، هل تذلل مشكلات العالم أم تتفاقم؟ المشكلة الايرانية لن تتبدد، إذا لم تنشغل بها اسرائيل ولم تكن شاغلها. ولا شك في أن ثمة أخطاراً تترتب على مبادرة اسرائيل منفردة (الى الحؤول دون بلوغ ايران العتبة النووية العسكرية)، لكن الأخطار هذه تقاس بتلك المترتبة على حيازة طهران السلاح النووي. القرار الأحادي والمنفرد لا يصب في مصلحة أي بلد. والإجراء الجماعي هو الأمثل. لكن بعض الحالات يستدعي إجراء أحادياً، وسبق أن بادرنا الى مثل هذه الخطوة. ويجافي الصواب تصوير المسألة على أنها مشكلة إسرائيل فحسب، ولو أنها الدولة الوحيدة التي هددت ايران ب «إلغائها». ولا أحسب أن المجتمع الدولي سيقاتل من أجل حمايتنا، بل يجب أن نتولى الدفاع عن أنفسنا. حل الدولتين وطي النزاع حدود 1967 أفلت. ولا يخفى على أحد أنها لن تكون الحدود المستقبلية بين دولة فلسطينية وإسرائيل. فالمستوطنات (المشيّدة في الأراضي الفلسطينية) هي جزء من اسرائيل. وبناء المستوطنات وتشييد اماكن سكن للإسرائيليين مشروعٌ في المناطق التي ستكون في نهاية المطاف جزءاً من اسرائيل. ولكن لا فائدة ترتجى من المستوطنات خارج هذه المناطق. فثمة دولة فلسطينية ستبصر النور. ويبدو أن الاسرائيليين والفلسطينيين يجمعون على حل الدولتين. ولكن هل الحل هذا يعني طي النزاع وانتهاء فصوله أم يؤذن بمرحلة جديدة منه؟ ولم تعلن منظمة التحرير الفلسطينية أو «حماس» أن حل الدولتين هو صنو تسوية النزاع تسوية كاملة. وتنادي «فتح» و «حماس» بما هو خلاف ذلك (التسوية الكاملة)، وتطالبان بعودة 3 - 4 ملايين لاجئ فلسطيني. فالفلسطينيون لا يكتفون بالحصول على دولة لهم، بل يريدون العودة للعيش في اسرائيل. ونقول إن ترسيم الحدود بين الدولتين يبدد مطالب الفلسطينيين بالعودة الى اسرائيل، وتسعهم العودة الى فلسطين وليس الى اسرائيل. ولا يعود وقف المفاوضات على الفلسطينيين والاسرائيليين بالفائدة. والوضع يبدو هادئاً. لكن هذا الهدوء وهمي. فعود الحركة الدينية يشتد في أوساط الفلسطينيين وفي العالم العربي، و«حماس» تنتسب الى «الإخوان المسلمين». وإذا لم تغامر «فتح» وتبادر الى إنهاء النزاع، غلبت كفة «حماس». * وزير الاستخبارات وشؤون الطاقة النووية الاسرائيلي، عن «لوموند» الفرنسية، 3/3/2012، اعداد منال نحاس