مثلما لم تكن صدفة ان تتزامن محادثات وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير في دمشق مع الذكرى السنوية الاولى لزيارة الرئيس بشار الاسد باريس ومحادثاته مع الرئيس نيكولا ساركوزي «انطلاقة جديدة» في العلاقات السورية - الفرنسية، بدا واضحاً في كل تفصيل من تفاصيل زيارة كوشنير ان «الثقة عادت» بين باريس ودمشق، اذ اكد خلال لقائه الاسد امس «ارتياح» ساركوزي لتطور العلاقات و«عزمه على مواصلة العمل على تعزيزها». الاشارة الاولى عن «العزم» للمضي قدماً ثنائياً، كانت في قرار ادارة ساركوزي عقد المؤتمر السنوي للسفراء المعتمدين في الشرق الاوسط في دمشق، وذلك للمرة الاولى منذ المؤتمر الذي عقد فيها عام 1997 عندما كان الجانبان يتحدثان عن «شراكة استراتيجية». وجاءت الاشارة الثانية من خلال قرار الحكومة الفرنسية ترشيح ديبلوماسي صاعد هو الناطق باسم وزارة الخارجية اريك شوفاليه لمنصب السفير في دمشق، ومقابلة دمشق ذلك بموافقة سريعة على اعتماده، ومشاركته بمؤتمر السفراء. وجاءت الاشارة السياسية الثالثة في قرار كوشنير تأجيل المؤتمر السنوي للسفراء من 28 الشهر الماضي الى 11 و12 الشهر الجاري كي يتسنى له ترؤس الاجتماع واجراء محادثات مع الرئيس الاسد بالتزامن مع الزيارة الرئاسية لباريس وحضور قمة مؤتمر «عملية برشلونة: الشراكة من اجل المتوسط» في تموز (يوليو) العام الماضي. وقال كوشنير في المؤتمر الصحافي امس إن محادثاته صادفت «العيد الاول لإعادة اطلاق العلاقات السورية - الفرنسية. وليس صدفة كلياً ان نختار هذا اليوم لزيارتي دمشق». وزاد ان محادثاته مع الاسد تناولت العلاقات الثنائية «الممتازة» والاوضاع في المنطقة والعالم، مشيراً الى ان الفترة المقبلة ستشهد «زيارات اخرى متوقعة وتبادل زيارات بين رجال الاعمال. هناك مشاريع كبرى متوقعة لتوسيع مرفأ اللاذقية ومشاريع ثقافية ومساعدات من الوكالة الفرنسية وزيادة عدد المنح الدراسية للطلاب السوريين»، اضافة الى تسريع حصول الطلاب السوريين على تأشيرات دخول الى فرنسا. وكان ساركوزي افتتح لدى زيارته دمشق في ايلول (سبتمير) الماضي مدرسة شارل ديغول في منطقة المزة في دمشق التي تستوعب نحو 700 طالب في جميع المراحل الدراسية، كما جرى تبادل الزيارات لتعزيز العلاقات الاقتصادية. وبدا في المؤتمر الصحافي مدى الود القائم بين المعلم وكوشنير من خلال تبادل النكات والمداخلات الديبلوماسية والحديث باللغة الانكليزية، ومدى اريحية الوزير الفرنسي لدى سحب هاتفه النقال من جيبه وتبادل النكات مع الصحافيين. ووعد كوشنير الجانب السوري ب «استمرار العمل» لدى واشنطن للسماح بتصدير طائرات «ايرباص» الى سورية وتسهيل تقديم قطع غيار للطائرات المدنية، علماً ان دمشق تنوي شراء 14 طائرة «ايرباص»، وان هذه الشركة طلبت من وزارة التجارة الاميركية موافقة استثنائية من العقوبات الاقتصادية التي اعتبرها المعلم «ظالمة» لأنها تمس أمن المواطن في الطيران، معرباً عن «الثقة بأن الجانب الفرنسي سيواصل جهوده لرفع العقوبات». وبينما كان المعلم وكوشنير يتناولان العشاء في احد مطاعم دمشق القديمة، اقام السفير ميشال دوكلو مأدبة عشاء في مكان آخر لعدد من الشخصيات الثقافية والمدنية والاعلامية السورية لمناسبة المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين. وفوجئ الحاضرون بالوزيرين المعلم وكوشنير يدخلان ليتبادلا الكلمات والمصافحات مع الحاضرين من السوريين والفرنسيين، قبل ان يعود الوزير الفرنسي الى احد الفنادق القديمة في المنطقة القديمة.