ينتابني القلق والشعور بالخوف كلما سألت أحدهم عن معرفته بمرض التوحد وماذا يعني بالنسبة اليه، فالكثيرون ممن سألتهم وهم بطبيعة الحال شباب مقبلون على الزواج وبناء عائلات، لم يقدموا شيئاً ولا حتى أجزاء من الإجابات عن معرفتهم بمرض التوحد الذي يعاني منه المئات من الأطفال في المجتمع الفلسطيني. بل ذهب كثيرون منهم إلى الحديث عن التوحد بين حركتي «حماس» و «فتح»، وذلك كرد على الأسئلة التي طرحت عليهم حول التوحد المنتشر بين أطفال فلسطين، وهو بازدياد. فالنتيجة تتضح مسبقاً بأن أطفال التوحد مغيبون بين المرض، وغياب وعي المجتمع ومعرفتهم بالمرض، وحينها يغيب الكشف المبكر عن أعراض المرض، ويغيب إلى جانبه التدخل المبكر، وصولاً إلى شخص مصاب بالتوحد ولا يمكن مساعدته أو دمجه والسبب غياب الوعي وغياب التدخل المبكر. أضف إلى ذلك أن المجتمع العربي نفسه يزيد من الهموم على كاهل الطفل وذويه عندما يتعامل مع الطفل المصاب بسخرية منبعها الجهل التام بحال المصابين بالتوحد وبطريقة التعامل الصحيحة معهم. شكل أخر من أشكال انعدام الوعي المجتمعي لحقيقة التوحد، هو محاولة الكثير من أهالي الأطفال المصابين بالتوحد إخفاء هذه الحقيقة عن المجتمع المحيط بهم، سواء كان ذلك انطلاقاً من الشعور بالخجل من وجود طفل متوحد أو نتيجة للضغوط العائلية والاجتماعية التي يقبعون تحتها رغما عنهم. وكما هو معروف، فإنه يمكن تشخيص التوحد منذ عمر السنة ونصف السنة، وبناء على ذلك يمكن تغيير مصير المصاب بالتوحد إلى الأفضل. فالوعي الأسري من شأنه إن يساعد في الكشف المبكر عن التوحد والبدء بعلاجه في الوقت المناسب ما يساعد الطفل المصاب في المستقبل على الأنخراط بمؤسسات تربوية عادية وتقليدية. ان وسائل الإعلام مقصرة في النهوض بالوعي المجتمعي الفلسطيني وذلك بخصوص العديد من القضايا الصحية والاجتماعية ومنها مرض التوحد، حيث نقترح تطوير إعلام متخصص، وتدريب صحافيين للكتابة عن الموضوعات ذات الصلة بالصحة، وذلك للقدرة على معالجة الأخبار وتقديم المعلومة للمواطن الفلسطيني بقالب توعوي لافت.