وصف اختصاصي في طب نفس الأطفال، المراكز الخاصة بتأهيل التوحديين، ب«الأفكار التجارية»، مطالباً ب «تقنينها وإخضاعها إلى الجهات المعنية بالمتوحديين»، أي وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة، مشيراً في الوقت ذاته إلى «تعدد الاختصاصات المطلوبة في علاج الأطفال التوحديين». وفيما شكا أولياء أمور من غياب مراكز متخصصة في علاج أبنائهم التوحديين، ولجوء بعضهم إلى دول أخرى، مثل الأردن والإمارات العربية المتحدة، اعتبر الاختصاصي الدكتور عبد الصمد الجشي، اللجوء إلى الخارج «مبرراً، وبخاصة وسط غياب مراكز متخصصة»، مضيفاً أن «بعض المراكز الموجودة، التي أنشئت بجهود ذاتية، لا تعدو كونها أفكاراً تجارية». وعلى رغم مطالبته بإخضاعها للجهات المعنية، أشار إلى أن «جهود الأفراد في افتتاح مراكز أمر جيد، ولكنه يحتاج إلى تقنين وضبط»، مضيفاً أن «الخدمات الخاصة بالتوحديين موجودة في المنطقة، لكنها غير متكاملة في مكان واحد، بل متفرقة في جهات عدة. كما أن علاج التوحد يجب أن يكون شاملاً، يعالج فيه جميع الأعراض، وربما يستمر العلاج شهوراً». وأشار إلى أن الطفل المتوحد «في حاجة إلى أكثر من تخصص لتأهيله، مثل اختصاصي نفسي وإكلينيكي ونطق ومهني، وطبيب أطفال تطوري»، موضحاً أن «الاختصاصيين لا يعالجون مرض التوحد، وإنما يحددون حجم المشكلة، ويؤهلون المصاب به، عبر معالجة الأعراض، وتأهيله، ليكون قادراً على التواصل مع محيطه الاجتماعي ويتفاعل معه. كما يعمل الاختصاصيون على تعليم الآباء والأمهات على نوع المشكلة، وكيفية التعامل معها»، موضحاً أن «ما يجعل المهمة صعبة، هو اختلاف علاج كل طفل عن الآخر، وهو ما تحدده عوامل كثيرة، مثل عمر الطفل، وخصائصه النفسية والبدنية»، مبيناً أن «الطفل من غير علاج ربما يتحسن، أو يظل كما هو». ولا يقتصر الأمر على غياب مراكز متكاملة لعلاج التوحديين، وإنما تغيب الدراسات الخاصة بالمتوحديين في السعودية. وأوضح الجشي أنه «بحسب علمي لا توجد دراسة توضح حجم المشكلة، لكننا نعتقد بوجودها مثل المجتمعات الأخرى، وبخاصة أنه مرض لا يرتبط في مجتمع أو وراثة أو محيط عائلي». وذكر أن «الاختصاصيين يعتمدون رقماً كلاسيكياً عالمياً في تقدير المتوحديين، ويشيرون إلى أنه يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أطفال من كل ألف طفل يعانون التوحد». وخرج الاختصاصيون في التوحد بمصطلح يوحد المرضى تحت مسمى واحد، وأطلقوا عليه «طيف التوحد». وحددوا أعراض المرض في ثلاثة أنواع، «الشديدة والمتوسطة والخفيفة». وبين الجشي، أن «الأعراض الرئيسة التي تجمع المتوحديين، تتجسد في غياب الصلة في العالم الخارجي، والانطواء على الذات، وعدم الكلام، وفي بعض الأحيان تظهر عليه حركات لا إرادية، أو التعود على أشياء، ويكررها دائماً». وبين أن النوع الخفيف «لم يعرف في شكل واضح إلا قبل 15 عاماً»، مبيناً أن «بعض الحالات متواجدة بيننا، ولكنها غير واضحة، إذ أن المستوى العقلي لهم أرفع من البقية. كما أنهم يتحدثون ويتفاعلون مع المجتمع». وذكر أن مثل هؤلاء «لا يلتفت لهم إلا في حال واجهوا مشكلة، مثل التواصل الاجتماعي، وإن لم يواجهوا شيئاً يؤثر على سير حياتهم، يعيشون في شكل طبيعي».