لم تكن المشاركة السياسية يوماً حكراً على أحد في أي مجتمع يكون عنوانه الديموقراطية وما يجول ضمن نطاق هذه الكلمة، فمركبات سياسة أي دولة يصنعها ويشارك في بنائها عناصر المجتمع النوعية، وسأخص الحديث عن محل الشاب والمرأة في الحلبة السياسية الجزائرية. لماذا لم نرَ منذ فترة الاستقلال وحتى يومنا هذا وزيراً أو مسؤولاً حكومياً رفيع المستوى أو برلمانياً من فئة الشباب؟ ألم يتساءل أحد لماذا ما زالت المرأة الجزائرية بعيدة جداً من المعترك السياسي؟ تساؤلات جمة نختزلها في إجابة واحدة تحمل شقين: إما أن الشاب والمرأة الجزائرية غير مؤهلين ليكونا في مراكز القيادة السياسية، أو أنهما مقصيان من اللعبة السياسة بطريقة أو بأخرى. فلو وضعنا هذه المعادلة تحت العقول المتبصرة للمجتمع الجزائري وتركيبة شبابه ونسائه، والعملية السياسية في البلاد، ندرك أن كل الخيوط واضحة، فالشاب والمرأة الجزائرية لم يكونا في فترة سابقة ضمن قواعد اللعبة السياسية بسبب واقع حتمي نقرّ به جميعاً وهو أن الجزائر كانت في فترة صعبة تتطلب وجود آليات ذات منابع ثورية تقود البلاد أي فترة بعد الاستقلال إلى ما بعد العشرية السوداء، فكان من غير الممكن وضع شاب أو امرأة في لائحة القيادة السياسية للبلاد في تلك الفترة لاعتبارات عدة أهمها عقلية الشاب والمرأة الجزائرية آنذاك ومستوى الوعي السياسي المتعرج عندهما وكذا حساسية الفترة، لكن وبعد أن تخطت الجزائر المرحلة السوداء كان لا بد من دواليب السلطة أن تشهد تغيرات حتمية وتجديد دماء الأوعية السياسية، إلا أن هذا لم يحدث وكنا بدل ذلك أمام لعبة تغيير الكراسي، الوجوه نفسها تقود المركبة السياسية الجزائرية. ومع هذه الفترة الجديدة للجزائر اليوم، ألا يجدر بالشاب والمرأة الجزائرية أن يجدا لنفسيهما مكاناً في مركز القيادة، بعدما أصبحا مدركين ما يحدث من حولهما، وعرفا أن الفترة الراهنة هي فرصة الشباب لتسلم زمام الأمور. بوادر هذا الوعي تجلت في شكل كبير، حيث أصبحنا نرى الشباب الجزائري يفعّل فكره السياسي، هذه المرة ليس للعب دور ثانوي بل من أجل حجز مكانة سياسية تمكنه من الوصول إلى مراكز صناعة القرار. الأمر الذي أصبح يقلق أصحاب الشعر الأبيض الذين هرموا وهم في الكراسي لأنهم أدركوا أن الشاب الجزائري استفاق ونفض الغبار عن نفسه، وأن المرأة الجزائرية لم تعد تلك المرأة التي كانت بالنسبة لهم حرفاً زائداً في اللعبة السياسية، لذلك يحاول الكهول احتواء الأمر وكسب صوت الشاب والمرأة من طريق امتيازات وإغراءات، لكن هيهات، فالطموح السياسي المشروع للشاب والمرأة الجزائرية أكبر من هذه الامتيازات المشبوهة. إنه الرهان الآن على الشباب ليكون هذه المرة مشاركاً حقيقياً في حياكة السياسة العامة للدولة والرهان على المرأة لتفرض وجودها كقيادية سياسية من منطلق واجب وحق يكفله الدستور والطموح المشروع.