تكفلت وكالة الأنباء السورية بنقل أخبار مقتل الجنود الدروز في الجيش السوري وفصّلت حكايات وفاتهم على قياسات تناسب قضية المؤامرة التي تتعرض لها سورية وفقاً لوجهة نظر النظام السوري، فنسبت إليهم بطولات قد تفوق في بعض الأحيان قدراتهم الحقيقية. لكل قطعة عسكرية في الجيش السوري ضابط للأمن وغالبيتهم من الموالين للنظام ويتلخص عملهم بنقل المعلومات التي تخص أوضاع الضباط والجنود إلى الفروع الأمنية التي يتعاملون معها «كفرع المخابرات الجوية وفرع المخابرات العسكرية». تُقدم معلومات دقيقة وفي شكل دوري عن تحرك كل فرد من الأفراد في القطع، وفي بعض القطع العسكرية يكون دور ضابط الأمن أقوى من قائد القطعة نفسها. وعند بداية الحراك في سورية زادت صلاحيات ضباط الأمن بأمر من القيادة العسكرية، وقسم أسلوب التعاطي مع الأفراد وفق الانتماء الطائفي والجغرافي، فمثلاً أبناء الأقليات يختلف التعامل معهم عن أبناء الأكثرية السنّية، وأبناء المناطق الثائرة كدرعا وإدلب لهم تعامل مختلف عن المناطق الموالية للنظام، حيث يتم وضعهم تحت مراقبة شديدة ودوماً يفرز معهم في شخصيات موالية للنظام لنقل كل أحاديثهم وتحركاتهم وفي بعض الأحيان لا يسلمون سلاحاً. التعامل المختلف الجنود الدروز كان التعامل معهم مختلفاً طبعاً، فهم من وجهة نظر النظام السوري من أبناء الأقليات وبالتالي لا بد أن يقفوا معه وتم إعطاؤهم صلاحيات توازي تلك التي تعطى للموالين في القتل وفعل كل ما يلزم في سبيل إخماد الحراك الثوري، منهم من تورط بأعمال قتل ومنهم من رفض الدخول بهذه الدوامة الطائفية التي يشرف ضباط الأمن السوري على تنفيذها فتمت تصفيته. «عماد» شاب درزي يخدم برتبة صف ضابط في إحدى القطعات العسكرية السورية يروي ما حدث معه قبل اقتحام مدينة درعا في بداية الحراك. يقول: «قبل أن تتحرك قطعتنا باتجاه درعا بثلاثة أيام طلبني ضابط الأمن إلى مكتبه لأفاجأ عند دخولي بوجود سبعة رفاق لي وكلهم من أبناء مدينتي السويداء وقال لنا: «أعلم أنكم جميعكم تعلمون حقيقة ما يجري وسأكون صريحاً معكم هناك حراك تقوده مجموعة من السلفيين وتنظيم القاعدة هدفه الوصول للحكم والقضاء على الأقليات الدينية ومنهم نحن وأنتم وأعتقد أن ما فعله الرئيس أديب الشيشكلي عندما دخل بالجيش وقتل أبناء مدينتكم لا زال في أذهان كبار محافظتكم. لذا، عليكم أن تقاتلوا في سبيل منعهم من تنفيذ مخططهم الطائفي». ويضيف: «ثلاثة من رفاقي الموجودين كانت الحماسة هي رد فعلهم وطلبوا منه التوجه إلى درعا فيما قرر الباقون وأنا منهم الصمت، فالتفت إلينا ضابط الأمن قائلاً: «الخائن أيها الجنود مصيره الموت لا شك بذلك حتى لو كان أبي وأمي». «منير» من مدينة إدلب يخدم برتبة صف ضابط يروي كيف قُتل أحد الجنود الدروز على يد أحد القناصين فيقول: «جاءتنا الأوامر أن نرتدي لباساً مدنياً ونتوجه إلى إحدى مناطق مدينة حمص الثائرة ونشتبك معهم لكونهم يقومون بالهجوم على مقار حكومية ويمارسون أعمال قتل وتخريب، وعند وصولنا فوجئنا بوجود عدد كبير من المتظاهرين يرفعون لافتات تطالب بالحرية وإسقاط النظام تماماً كتلك التظاهرات التي تنقلها وسائل الإعلام، فقام عدد من الجنود بإطلاق النار وفي شكل مباشر على المتظاهرين ومنهم الضابط المسؤول عنا، فاختبأنا أنا و «ن» في مكان آمن وبدأت أطلق النار بالهواء، في حين أن صديقي «ن» لم يطلق النار على المتظاهرين ولا في الهواء كما فعلت بل أطلق النار على أحد الجنود الذي كان يقتل المتظاهرين وقتله، ونتيجة لتصرفه جاءته طلقة استقرت في مؤخر رأسه من قبل قناص متمركز خلفنا. في مدينة السويداء الأمر لا يقتصر على مسيرات التأييد أو عرض رجال الدين المؤيدين على شاشات الإعلام السوري، بل امتد الأمر إلى محاولة جعل أبناء الطائفة شركاء لرجال النظام في قتل المتظاهرين وذلك من خلال اتباع سياسة يعتبرها المعارضون في المحافظة «شيطانية» بامتياز. فعند كل جنازة لجندي درزي تأتي وسائل الإعلام السوري الحكومي والخاص وتجري لقاءات مع ذويه وتجبرهم على قول جمل محددة مثل إن الشهيد قدم روحه فداء لقائد الوطن أو كل أبناء السويداء هم فداء لقائد الوطن وغيرها من المصطلحات التي تظهر الدروز كشريك للنظام في القتل. وهذا الكلام يقال علناً من قبل أشخاص من المحافظة مرتبطين مع النظام ويتولون الخطابة في جنازات الشهداء. في جنازة أحد الجنود قال أحد الرجال وهو معروف بارتباطه الوثيق بالنظام إن الشهيد قام بقتل 30 إرهابياً في معركة واحدة. ووضعت صور الرئيس بشار الأسد على نعش الجندي. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى حد إنشاء قناة تلفزيونية مختصة بعرض الاحتفالات ومسيرات التأييد لأبناء الطائفة الدرزية حيث تنقل مراسم الجنازات وتؤكد باستمرار عبر لقاءاتها وشريطها الإخباري والرسائل القصيرة مدى ولاء أبناء المحافظة، مع ذكر «البطولات»، فيما صفحات التواصل الاجتماعي تشارك هي الأخرى بالدعاية للنظام، فتجدها مليئة بالصفحات الخاصة بأسماء قتلى الجيش وطبعاً توضع صور الرئيس السوري مع عبارات التأييد. ونذكر منها «صفحة الشهيد شبلي وسيم الطويل» أو صفحة الشهيد «جلال صيموعة» وغيرها من الصفحات التي يعلو فيها اسم الرئيس اسم الشهيد نفسه. ثمن الغضب عمر كرباج، تجرأ ذووه على عدم الصمت وقاموا بكشف ما جرى معه عندما أتى عناصر الأمن وكان بصحبتهم تلفزيون خاص تابع للنظام وحاولوا إجبار والدته على إجراء لقاء تلفزيوني تقول فيه إن ولدها قدم روحه إلى قائد الوطن لكنها رفضت، وقام أخ الشهيد بطردهم من المستشفى كما قام بطرد عدد ممن يعرفون بالشبيحة كانوا يحاولون غناء الأهازيج الشعبية أثناء مراسم الجنازة، ومن ثم قام بتمزيق صورة الرئيس السوري، الأمر الذي أغضب أتباع النظام الذين حاولوا ضرب أخ الشهيد لولا تدخل بعض الموجودين في الجنازة.