أثارت دعوة أطلقها قادة نافذون في شرق ليبيا إلى قيام نوع من الحكم الذاتي في «إقليم برقة» ضمن إطار اتحاد فيديرالي، صدمة واضحة في الأوساط الليبية، وسط مخاوف من تفكك البلاد. وفي حين هدد رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل باستخدام «القوة» لمنع تقسيم ليبيا، أعلن «حزب العدالة والبناء»، المنبثق من جماعة «الإخوان المسلمين»، معارضته العودة إلى الفيديرالية التي كانت معتمدة في بداية الحكم الملكي، فيما شهدت مدن ليبية عدة تظاهرات ضد الفيديرالية. وفيما شدد الرئيس باراك اوباما، خلال استقباله امس في البيت الابيض رئيس الوزراء الليبي عبدالرحيم الكيب، على اجراء انتخاب مجلس تأسيسي في حزيران (يونيو) المقبل، وصف عبدالجليل، خلال كلمة في مؤتمر «الميثاق الوطني» في مصراتة (210 كلم شرق طرابلس)، دعوة «مؤتمر برقة» الذي انعقد في بنغازي أول من أمس إلى إنشاء نظام فيديرالي ورفضه «الإعلان الدستوري»، بأنها تمثّل «خروجاً على الشرعية». وكان مؤتمر بنغازي رفض الإعلان الدستوري الذي يحدد حصص المناطق الليبية في المجلس الوطني (التأسيسي). وانتقد عبدالجليل في كلمته في مصراتة حكومة عبدالرحيم الكيب ووصفها بالبطيئة، كما انتقد الثوار الذين يرفضون تسليم سلطة المنافذ إلى الحكومة وحمّلهم مسؤولية «الدعاوى الانفصالية». وفي ما بدا أنه رد مباشر على كلامه، أعلن المجلس المحلي لمصراتة بعد الظهر موافقة الثوار على تسليم مطار وميناء مصراتة وكل نقاط إلى الحكومة الانتقالية «خلال أسبوع». وقال عبدالجليل قوله في تصريحات بثها التلفزيون الليبي: «لسنا مستعدين لتقسيم ليبيا... أدعو اخوتي في برقة، كما يسمونها الآن، إلى الحوار»، مشيراً إلى أن بينهم «مندسين ومن أزلام (الزعيم الليبي السابق معمر) القذافي الذين يستغلونهم الآن. نحن نستطيع ردعهم ولو بالقوة». وكان مؤتمر بنغازي الذي حضره نحو ثلاثة آلاف شخص دعا إلى قيام «إقليم برقة الفيديرالي» وانتخب أحمد الزبير السنوسي على رأسه. وندد عبدالجليل مساء الثلثاء بهذا الاعلان. وقال في طرابلس إن «(بعض) الدول العربية تذكي وتغذي الفتنة التي نشأت في الشرق حتى تهنأ في دولها ولا ينتقل اليها طوفان الثورة». غير أن أحمد الزبير، ابن عم الملك ادريس السنوسي الذي اطاحه القذافي في 1969 وعضو المجلس الانتقالي، نفى «وجود أي نيات انفصالية» في اعلان بنغازي.وقال إن «إدارة الإقليم تنفصل عن سياسة الدولة. نظرتنا من خلال اتخاذ النظام الفيديرالي الاتحادي نظرة إدارية وليست انفصالية، والانفصال غير مقبول بالنسبة لنا». وأصدر «حزب العدالة والبناء» الذي أسسته جماعة «الإخوان» لخوض انتخابات المجلس الوطني في حزيران (يونيو) المقبل، بياناً اعتبر فيه نداءات الفيديرالية «مجرد ردود أفعال في غير محلها»، مشيراً إلى أن البلاد تمر ب «مرحلة صعبة» قبل الوصول إلى «الدولة المنشودة» التي يحكمها نظام «تعددي ديموقراطي يحفظ الحقوق ويكفل الحريات... لا مركزي، يعطي صلاحيات كاملة للتقسيمات الإدارية على المستوى المحلي». وفي نيويورك، يتجه مجلس الأمن إلى إنهاء حظر السلاح المفروض على ليبيا في قرار أعدته بريطانيا ويرجح تبنيه مطلع الأسبوع المقبل. وقال نائب السفير الليبي في الأممالمتحدة إبراهيم الدباشي ل «الحياة» إن طلب رفع الحظر أتى من الحكومة الليبية التي «تعمل على بناء الجيش الوطني الليبي وأمامها تحديات أمنية كمراقبة الحدود». وكان مقرراً أن يبحث مجلس الأمن بعد ظهر أمس الوضع في ليبيا في ضوء إحاطة مسؤول بعثة الأممالمتحدة في ليبيا «أنسميل» إيان مارتن وبمشاركة رئيس الحكومة الليبية عبدالرحيم الكيب. وأكد الدباشي صحة ما جاء في تقرير لجنة الأممالمتحدة لجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان «لجهة مقتل 50 إلى 60 من المدنيين الليبيين خطأ خلال قصف حلف الناتو قوات القذافي». واتهم روسيا بالتهويل في مسألة الضحايا المدنيين في ليبيا «بهدف التغطية على جرائم نظام (الرئيس بشار) الأسد في سورية ولمنع المجتمع الدولي من حماية المدنيين في سورية». ويتضمن مشروع القرار إعفاء مؤسسات ليبية من العقوبات المالية مثل «هيئة الاستثمار الليبية» و «المحفظة الاستثمارية الليبية الأفريقية». وسيقر المشروع تمديد ولاية «أنسميل» 12 شهراً.