بنغازي، لندن - «الحياة»، أ ب - أعلن زعماء قبليون وقادة عسكريون قيام إقليم يتمتع بنوع من الحكم الذاتي في شرق ليبيا الغني بالنفط، في خطوة آحادية يخشى معارضوها أن تكون مقدمة لانفصال يقسّم البلاد بعد ستة شهور من سقوط نظام معمر القذافي. وقال ممثلو قبائل أساسية في الشرق وقادة ميليشيات وسياسيون في إعلان صدر في ختام مؤتمر شارك فيه الآلاف في بنغازي، إن خطوتهم لا تهدف إلى تقسيم ليبيا بل إنهم يريدون إقليمهم أن يكون جزءاً من ليبيا موحدة. وأصدر المشاركون في المؤتمر الذي انعقد في مقر المجلس العسكري في منطقة الكويفية بياناً ختامياً جاء فيه أن النظام الاتحادي الوطني الفيديرالي هو خيار الاقاليم كشكل للدولة الليبية الموحدة في ظل دولة مدنية دستورية شريعتها الإسلام وأن المجلس الوطني الانتقالي رمز لوحدة البلاد وممثلها الشرعي في المحافل الدولية. وأقر البيان اعتماد دستور الاستقلال الصادر العام 1951 كمنطلق مع إضافة تعديلات عليه «وفق ما تقتضيه ظروف ليبيا» الراهنة، مؤكداً عدم شرعية تعديله العام 1963. وبذلك يكون المشاركون في المؤتمر يريدون إحياء النظام الذي استمر من العام 1951 إلى العام 1963 خلال الحكم الملكي والذي كانت فيه البلاد مقسمة إلى ثلاثة اقاليم: إقليمطرابلس في الغرب، وإقليم فزان في الجنوب الغربي، وبرقة في الشرق. وفي العام 1963 أُلغي هذا التقسيم. وسعى الإعلان في بنغازي أمس إلى تقديم النظام الفيديرالي بوصفه أمراً واقعاً أمام المجلس الانتقالي. وكان لافتاً رفضه الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الانتقالي ويعطي الشرق 60 مقعداً مقارنة ب 102 للغرب. واعتبر سكان الشرق إنه يمثّل استمراراً لسياسات تهميشهم. وقال مؤتمر بنغازي إن انتخابات ستنظّم في الشرق خلال أسبوعين لانتخاب مجلس يتولى الحكم في برقة. وأعلن المؤتمر أيضاً أن «إقليم برقة» سيكون له برلمانه الخاص وشرطته ومحاكمه وعاصمته، بنغازي، كي يدير شؤونه بنفسه. ووفق هذا المخطط، ستبقى السياسة الخارجية والجيش الوطني ومصادر النفط في يدي حكومة فيديرالية مركزية في طرابلس. علما ان إقليم برقة يغطي نصف مساحة ليبيا تقريباً، من وسط البلاد حتى الحدود المصرية شرقاً، ونزولاً حتى حدود تشاد والسودان جنوباً. وأشارت وكالة «أسوشييتد برس» إلى أن المجلس الوطني الانتقالي أعلن في أكثر من مرة معارضته قيام إقليم يتمتع بحكم ذاتي جزئي في الشرق، محذّراً من أن ذلك يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم ليبيا. ونقلت عن رئيس اللجنة السياسية في المجلس الانتقالي فتحي البعجة: «هذا خطير جداً. إنه دعوة صريحة للتفتيت. إننا نرفضه في شكل كامل». وأضاف: «إننا ضد التقسيم وضد كل خطوة تضر بوحدة الشعب الليبي». وأوردت الوكالة أن إعلان قيام إقليم الشرق يعكس ضعف المجلس الانتقالي غير القادر على بسط سلطته في أنحاء البلاد. ويقول سكان في شرق ليبيا إن خطوتهم هذه ضرورية لإنهاء التهميش الذي عاناه الشرق على مدى عقود من حكم القذافي الذي ركّز التنمية في الغرب تاركاً البنية التحتية تنهار في الشرق الذي كان دائماً مصدراً للمعارضين لنظامه. كما يشير مؤيدو خطوة الشرق إلى أن طرابلس خاضعة لنفوذ ميليشيات من الثوار الذين جاؤوا خصوصاً من مدن غربية مثل الزنتان ومصراتة والذي يفرضون رأيهم على السلطات. وانتخب مؤتمر بنغازي أحمد الزبير السنوسي، أقدم سجين سياسي خلال حكم القذافي، رئيساً لمجلس حكم إقليم برقة. وهو ابن عم الملك الليبي الراحل أدريس السنوسي الذي أطاحه القذافي في انقلاب العام 1969، وعضو في المجلس الوطني الانتقالي. ووعد الزبير السنوسي بحماية حقوق الشرق لكنه أكد أن إقليم برقة سيعترف بالمجلس الاوطني الانتقالي ممثلاً لليبيا في المحافل الدولية. وقال أمام المؤتمر: «سكان برقة، إننا أخوة. نحمي بعضنا بعض». وأضاف: «ليبيا لن تُقسّم. إنها أمة واحدة». وشارك في المؤتمر ممثلو قبائل من الوزن الثقيل في الشرق، مثل العبيدات والمغاربية والعواقير. كما حضر قادة من «جيش برقة» الذي يضم 61من كتائب ثوار الشرق. وشارك أيضاً قادة عسكريون كبار في وزارة الدفاع الليبية معلنين تأييدهم للإعلان الصادر عن مؤتمر بنغازي.