ما زال الاقتصاد القطري يُعتبر واحداً من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم. وقدر صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطر 13 في المئة خلال العام الماضي بفضل ارتفاع مستوى إنتاج الغاز الطبيعي غير المسيّل بما نسبته 36 في المئة. وأشار تقرير «بيت الاستثمار العالمي» (جلوبل) إلى تزايد نشاط قطاعات الصناعات التحويلية، والخدمات المالية، والتجارة والضيافة، ما ساهم في دفع نمو قطاع الصناعات غير الهيدروكربونية، الذي بلغ وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي تسعة في المئة العام الماضي، كما ساهمت أسعار النفط المرتفعة في ضمان بقاء الفائض في الحساب الجاري والمالي، مرتفعاً 32.6 و7.2 في المئة من الناتج المحلي على التوالي. ولفت إلى بقاء التوقعات حول أداء الاقتصاد القطري هذه السنة إيجابية، إذ يتوقع أن ينمو الناتج المحلي للقطاع غير الهيدروكربوني تسعة في المئة، وأن تدعم الزيادة المتوقعة في الإنفاق، والتي قد تتجاوز 150 بليون دولار، اضافة الى التحضير المسبق لبطولة مباريات كأس العالم لكرة القدم، نشاط الإقراض في البنوك. نمو الائتمان ولفت إلى أن قطر حافظت على مكانتها الرائدة في المنطقة من حيث نمو الائتمان المصرفي، الذي بلغ 28 في المئة بفضل ارتفاع الإقراض المصرفي الممنوح للقطاع العام 45 في المئة العام الماضي، وشكل 40 في المئة من إجمالي قروض القطاع المصرفي، في مقابل زيادة نسبتها 19 في المئة في الإقراض الممنوح للقطاع الخاص. ونظراً إلى تركيز البنوك على إقراض القطاع العام، كان مفاجئاً ارتفاع معدل نمو الائتمان إلى أعلى مستوياته في أكبر مصرفين مستحوذين على إقراض القطاع العام، وهما «بنك قطر الوطني» ب47.3 في المئة، و «مصرف الريان» بنسبة 36.6 في المئة، ويليهما «البنك التجاري القطري» ب24 في المئة. وفي ما يتعلق بالائتمان الممنوح من «بنك قطر الإسلامي» للقطاع العام، والذي نما 65.5 في المئة، فيعزى إلى نمو إقراض قطاع العقارات، والقروض الشخصية اللذين ارتفعا 64.4 و48.2 في المئة على التوالي. وبقي «البنك التجاري القطري» يشهد نجاحاً بفضل تركيزه على الائتمان الممنوح لتمويل مشاريع القطاع العام، الذي نما 40 في المئة، في حين سجل نمواً حاداً في الإقراض المقدم إلى قطاع العقارات، بلغ 95 في المئة. وأشار تقرير «جلوبل» الى ان الإقراض المقدّم من «مصرف الريان» إلى القطاع العام نما 39.6 في المئة، إلا أن قطاع العقارات كان المساهم الأكبر في هذا النمو، إذ ارتفع معدل الإقراض فيه أربعة أضعاف، كما شهد قطاع التجزئة ارتفاعاً في مستوى نشاطه. وسجّل «بنك الدوحة» نمواً في الإقراض المقدم للقطاع العام بلغ 54.6 في المئة، ولقطاع العقارات 30.6 في المئة. وبيّن أن نمو قروض «بنك قطر الإسلامي» كان مخالفاً للتوقعات، فعلى رغم المزايا التي نتجت من الضغوط التي فرضها بنك قطر المركزي على المحافظ الإسلامية للبنوك، سجّل البنك نمواً ضعيفاً في القروض، إذ انخفضت القروض الممنوحة إلى القطاع العام 40 في المئة وتراجعت في قطاع التجزئة 22.3 في المئة. إلا أن الإقراض الممنوح إلى قطاع الممتلكات العقارية ارتفع قليلاً خلال الربع الرابع العام الماضي، ما ساعد على نمو إجمالي دفتر القروض 0.3 في المئة. نظرة مستقبلية وأكد التقرير أن الحكومة ستواصل التركيز على تطوير البنية التحتية المادية والاجتماعية في المدى المتوسط، ويُتوقع أن يساهم ذلك في تنشيط نمو القروض واستقراره عند مستويات مرتفعة، كما توقع ارتفاع نسبة القروض الممنوحة من البنوك إلى القطاع العام في المدى القريب، على أن يتباطأ لاحقاً نظراً إلى قرب الانتهاء من تنفيذ المشاريع الهيدروكربونية الكبرى. وفي ما خصّ القطاع الخاص، توقع أن يتركز نمو القروض على قطاع العقارات، وأن يمتد أثره لاحقاً إلى قطاع المقاولات، إذ سيشهد بدء تنفيذ عدد من المشاريع. وعلى صعيد قطاع التجزئة، يُتوقع أن يشهد الإقراض الاستهلاكي ارتفاعاً طفيفاً بعد قرار زيادة رواتب العاملين في القطاع العام، إذ ما زال القطريون يشكلون الجزء الأكبر من زبائن الخدمات المصرفية المقدمة للأفراد، ويُرجح أن ينمو صافي قروض القطاع المصرفي 16.2 في المئة هذه السنة. وتوقع التقرير أن يتجاوز متوسط النمو السنوي للقروض لدى مصرف «الريان» و «بنك قطر الإسلامي» 26 و23 في المئة على التوالي هذه السنة، على رغم أن المصرفين سيستفيدان من ضوابط تقديم خدمات إسلامية. ويُتوقع أن يُعزى نمو مصرف الريان من الإقراض الممنوح للقطاع الخاص، في حين يُتوقع أن يحقق «البنك التجاري القطري» أعلى معدل لنمو القروض مستفيداً من زيادة نفاذه إلى إقراض القطاع العام ومن الزيادة الطفيفة في قروض القطاع الخاص. كما يُتوقع أن يحافظ «بنك قطر الوطني» على معدلات نمو الإقراض التي تزيد على 10 في المئة وأن يواصل الاستفادة من المشاريع الحكومية ومن شركات «جي آر إي». وفي ما خصّ «بنك الدوحة»، فعلى رغم استفادته من تسارع معدل النمو للقروض الممنوحة في قطاع الخدمات الشخصية، فإن ارتفاع دفتر القروض سيكون محدوداً بسبب انخفاض قاعدة رأس ماله، ما سيعرقل نمو القروض في المدى القريب.