رفض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس دعوات الى التصالح مع من سماهم «القتلة والمجرمين»، في اشارة الى حزب البعث المحظور في العراق، محذراً من «الفساد السياسي»، فيما شكّك نائب رئيس «المجلس الاسلامي الاعلى العراقي» عمار الحكيم ب «النيات الحقيقية من موضوع المصالحة»، منتقداً دعوات خارجية الى فتح حوارات مع قوى عراقية معارضة للعملية السياسية، وأكدت وزارة الحوار الوطني ان المصالحة مع البعثيين «اصبحت في طي النسيان». وقال رئيس الوزراء أمام المشاركين في مؤتمر عشيرة البوسلطان المنتشرة خصوصاً في الفرات الاوسط: «ان المصالحة الوطنية التي يفمهون انها تكون مع القتلة والمجرمين لم ولن تتحقق». واضاف: «ليس من العدل والانصاف ان نتصالح مع الذين كانوا السبب في ترمل النساء وتيتم الاطفال ودمروا البلد واستهلكوه في الحروب والمغامرات ولم يعتذروا عن ذلك حتى الآن لأن عقولهم ملوثة» في اشارة الى حزب البعث المنحل المستثنى من عملية المصالحة الوطنية. ودعا الى «معاقبة المجرمين كي ينالوا قصاصهم بدلاً من المطالبة بالافراج عنهم والتصالح معهم» في اشارة الى مطالبة جهات ودول عربية بإدماج البعثيين في عملية المصالحة. وحذر المالكي العراقيين «من الفتنة التي يريدها أزلام النظام السابق على أساس قومي هذه المرة، كما يجب الانتباه الى المؤامرات التي تحاك قبل الانتخابات» التشريعية التي ستجرى اواخر كانون الثاني (يناير) 2010. وتوقع ان تكون الانتخابات «حافلة بالتحديات السلبية». وقال في هذا السياق: «أحذر من الفضائيات (...) رصدت اموال طائلة للتشويش على عقلية الناخب العراقي». كما حذر رئيس الوزراء العراقي من «الفساد السياسي»، معتبراًً انه «اخطر من الفساد المالي والاداري. وأقصد هنا المشاريع التي تحابي الدول مما سيعيدنا الى الخلافات»، مجدداً رفضه «استلام الاوامر من خارج الحدود». كما جدد المطالبة ب «تعديل الدستور ومراجعته من اجل ان يكون صالحاً لبناء الدولة»، مضيفاً: «لا نقول انه كامل او انه الصيغة التي تؤسس لبناء الدولة الحديثة. ربما أدى دوراً في مراحل صعبة في تاريخ العراق لكنه يحتاج قطعاً الى تعديلات». وأوضح: «حين أتحدث عن التعديل فيجب ان يكون دستورياً، أي من خلال القواعد التي نعمل بها وليس من خلال الترهيب او التخويف». يذكر ان المالكي بدأ المطالبة بتعديل الدستور الخريف الماضي قبل انتخابات مجالس المحافظات، الامر الذي أثار اعتراضات الاكراد الذين اعتبروا ان التعديلات تستهدف الفيديرالية التي يتمسكون بها بشدة. من جهته طالب عمار الحكيم بمعرفة «النيات الحقيقية من موضوع المصالحة»، وتساءل في حديث مع كوادر حزبه: «ما هو المقصود بالمصالحة السياسية في العراق؟ فاذا كان المقصود من المصالحة التعايش والشراكة والانسجام بين المكونات والقوميات والمذاهب العراقية المختلفة، فهذا شيء مهم ومطلوب وضرورة ملحّة علينا ان نعمل جاهدين لتحقيقها (...) اما اذا كان المقصود المصالحة مع من أوغلت يداه بدماء العراقيين، أي المصالحة مع البعث الصدامي، فهنا كلام آخر». وانتقد الحكيم دعوات خارجية الى فتح حوارات مع قوى عراقية معارضة للعملية السياسية وقال: «نسأل الذين يقدمون التوصيات بالمصالحة هل تصالحتم مع أعدائكم؟ وهل تصالحتم مع قتلتكم؟ وهل أخرجتم الإرهابيين من سجونكم وقلتم عفا الله عما سلف؟ لم تقولون ما لا تفعلون». واضاف: «نجد ان نبرة الحديث عن المصالحة السياسية تتحدث عن عودة الصداميين والتعايش معهم، وليس المصالحة مع المكونات والقوى العراقية». من جانبها اكدت وزارة الحوار الوطني ان المصالحة مع البعثيين «اصبحت في طي النسيان». وذكر وكيل الوزارة سعد المطلبي في تصريح الى «الحياة» ان «ملف المصالحة مع البعثيين اغلق واصبح في طي النسيان». واضاف: «ان توجهات الوزارة تركزت في الآونة الاخيرة على محاورة الاحزاب والقوى القومية والاشتراكية اليسارية منها واليمينية». وكشف ان «غالبية هذه الحركات طالبت بمبالغ مالية بحجة اعادة تنظيماتها وهياكلها داخل العراق، فيما طالب بعضها بمناصب».