أوصى المشاركون في الجلسة الثانية ل «منتدى جدّة الاقتصادي» في يومه الأخير بضرورة توجيه أعمال البرّ والخير في السعودية إلى تحقيق التنمية الشاملة، وشددوا على ضرورة أن يكون هناك استثمار أفضل لنحو 125 بليون ريال سعودي (33 بليون دولار) تنفق سنوياً في هذا المجال، وتضع البلاد في المركز الأول عالمياً. قال العضو المنتدب لشركة «ماكينزي آند كومباني» العالمية للاستشارات هيرمان دو بوده: «الأرقام تشير الى ان نشاطات البرّ والخير في أميركا تمثل 2 في المئة من مجموع الدخل الوطني، في حين أنها تمثل في السعودية 5 في المئة (30 بليون دولار سنوياً)، وهي الأعلى عالمياً، وضعف ما ينفق في أميركا بمرتين ونصف المرة، لكن 90 في المئة من نشاطات البرّ في السعودية لا توجه بالطريق الصحيح، فلا بد من أن يكون هناك أثر يتركه هذا العطاء، وعلينا أن ننظر إلى مشاريع تعطي فائدة على المدى الطويل». وأضاف: «استمعت في إحدى جلسات المنتدى إلى أحد الخبراء يقول إنه لا يوجد حل سحري لمشاكل الفقر والبطالة، وأنا أؤيده، لكنني أرى أن جانباً كبيراً من البلايين التي تنفق في عمل البرّ مشتتة، ولا تستثمر في الشكل الصحيح، فمن المهم أن توجه إلى مبادرة واحدة محددة تشمل قطاعاً كبيراً في المجتمع». عطاء مسؤول وفي المقابل، أشار الرئيس التنفيذي لمؤسسة «بي ام بي» الإسلامية هومايون دار، الى إن السعودية هي أكبر بلد على مستوى العالم في الزكاة وفق التصنيف العالمي، وهناك تقليد عربي وإسلامي يدعو للعطاء وهو أمر رائع، لكن من المهم تحويله إلى عطاء مسؤول. فهناك تركيز كبير على عمل الخير والصدقة والعمل التطوعي للإغاثة، يجمع المال بسرعة ويوزعها بسرعة، لذلك لا يساهم في تحقيق التنمية الشاملة». وتابع: «علينا أن نقدم آلية جديدة تتعلق بأعمال البرّ والعطاء وندير هذه الأموال بطريقة تضمن تحقيق فوائد على المدى الطويل، فأموال البرّ والصدقة يمكن أن تستخدم لتطوير البنية التحتية للمواصلات، ومن المهم أن نعرف أن أميركا والدول الغربية باتت أكثر تدقيقاً في التحويلات الإسلامية بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)». وأشار إلى أن السعودية قادرة على جمع 125 بليون ريال سنوياً، سواء كان من أموال الزكاة أم البرّ، وقال: لا بد من استثمار هذه الأموال في مشاريع مستدامة تتعلق بالتوظيف وتحقيق الرفاهية للمجتمع، كما يجب الدمج بين مفهومي الوقف والزكاة، فأنا شخصياً شاركت في مشروع اسمه «صندوق الزكاة العالمي»، التابع ل «منظمة العالم الإسلامي»، لاستثمار الأموال الفائضة من توزيع الزكاة محلياً في مشاريع إنسانية عالمية يمكن أن تؤدي إلى تنمية شاملة للعالم الإسلامي». ولفت مؤسس «المؤتمر العالمي الإسلامي للأعمال الخيرية» طارق شيما، الى ان حجم الأسواق الناشئة سيصل إلى 60 في المئة على الصعيد العالمي بحلول عام 2020، وأضاف: «لا بد من إحداث توازن يحقق الرفاهية لهذه الدول، والمهم التفكير في كيفية إطلاق القدرات وتفجيرها، فالكثير من العطاء الإسلامي والعربي ينصبّ على مجالات الإغاثة فقط، في حين أن دول العالم الإسلامي في حاجة إلى معالجة قضايا أكبر مثل الشباب والتعليم والعلوم والتكنولوجيا». وأضاف: «نحتاج إلى اكتساب مزيد من المهارات، ولا بد من أن تكون هناك استراتيجية واضحة في العطاء، وأن يكون النهج شمولياً. وفي التعليم هناك موضوعان مهمان، أولهما إدخال ثقافة خدمة المجتمع في المدارس، ما يتيح للأطفال التعرف على البرّ والأعمال الخيرية، والثاني التدقيق في إدارة أعمال البرّ».