«ملثمون يتجولون في شوارع الموصل، لا يحاولون الاحتكاك بالسكان، ويضمرون ما هو أبعد من تهجير المسيحيين». هذا ما تقوله مدرِسة التاريخ بهيرة الصابوني وهي تتحدث عن «دولة الخلافة» وتؤكد ان «المسلحين انفسهم مرتبكون ويشعرون بالقلق». وتلاحظ أنه «عدا المقاتلين العرب والأجانب، فإن عناصر التنظيم من العراقيين ملثمون بشكل دائم». وتوضح الصابوني التي وصلت الى السليمانية، بعد محاولات عدة لمغادرة الموصل، إن مسلحي «الدولة الإسلامية» العراقيين يعتبرون قصة «الخلافة مرحلة موقتة، فالذين تحدثوا إلينا قالوا إنهم مضطرون للالتحاق بالتنظيم، بسبب سياسات الحكومة، لكن تعايشهم مع المقاتلين الأجانب والاطلاع على نمط تفكيرهم جعلهم يستعجلون الخلاص من دولة البغدادي قبل السكان». قيادي في فصيل مسلح في الموصل (رفض نشر اسمه) أبلغ إلى «الحياة» أمس ان مقاتلي «الدولة الإسلامية تعرضوا لسلسلة عمليات اغتيال غامضة، خلال الأيام الماضية، والوضع قد يشهد قريباً انقلاباً كاملاً من مسلحي السنة على البغدادي». وكان ثلاثة من عناصر «الدولة الإسلامية» بينهم القيادي صالح فرحان قتلوا أمس في تفجير نفذه مسلحون من عشيرة العبيد السنية قرب ناحية الرشاد في كركوك. وقال القيادي إن «التنظيم نفذ انقلاباً صامتاً ضد البعثيين والفصائل السنية المسلحة في الموصل، وقد أثار تهجيره مئات العائلات المسيحية غضب الأهالي، وسيكون بداية نهايته». وأكد مستشار محافظ نينوى لشؤون الأقليات دريد حكمت زوما ل «الحياة» أمس أن «451 أسرة نزحت من الموصل باتجاه مناطق سهل نينوى (خاضع لسيطرة البيشمركة الكردية) عدا الأسر التي توجهت إلى محافظات إقليم كردستان بعد تهديدات تلقتها من الدولة الإسلامية». وقالت بهيرة الصابوني إن «أهالي الموصل رفضوا تسليم منازل المسيحيين الى التنظيم، ومعظم المنازل يشغلها الآن السكان أنفسهم بالتفاهم مع أصحابها، لمنع الاستيلاء عليها». وعلمت «الحياة» من مصدر في جامعة الموصل أن وفداً يمثل أبو بكر البغدادي اجتمع امس مع المسؤولين في الجامعة وأبلغهم قرارات حول التعليم. وأكد ان ثلاثة من عناصر الوفد «ملثمون وهم عراقيون، ومعهم اثنان، أحدهما عربي والآخر آسيوي غير ملثمين، ولم يتحدثا طوال الاجتماع، ويبدو ان مهمتهما مراقبة الآخرين». وزاد ان «التعليمات التي تلقتها رئاسة الجامعة تتضمن اغلاق كلية القانون في الموصل بشكل نهائي، وإحداث فصل كامل بين الطلاب والطالبات في الجامعة». وتابع ان «الوفد أكد أيضاً انه سيشكل لجنة للتدقيق في كل مناهج الجامعة، وقد يقرر خلال الأيام المقبلة إلغاء بعض الكليات». قضية اللثام، على ما أفادت الصابوني التي تعمل مشرفة تربوية، تكشف إحساس التنظيم بأن وجوده لن يدوم طويلاً داخل الموصل: «حتى أن الأهالي الذين تلقوا لوائح بالممنوعات تشمل المحارم النسائية والعطور، والملابس الحديثة، لم يلتزموا تطبيقها، على رغم ان المهلة لا تتجاوز اياماً». وزادت ان: «اهالي الموصل تعايشوا مع اساليب تنظيم القاعدة منذ سنوات، فهؤلاء كانوا يتعاملون بشكل علني مع قادة في الجيش العراقي والحكومة المحلية، ويبرمون صفقات كلفت المدينة الكثير، وأقصى ما يلجأون اليه هو اغتيال المخالفين، لكن واقع الحال انهم لا يسيطرون على الموصل من الداخل». بعض الذين وصلوا إلى السليمانية، قادمين من الموصل، أكدوا أنهم تلقوا نصائح من عناصر «الدولة الإسلامية» المحليين بالمغادرة. وقال محمد سنجري :»نعرف ان هناك مسلحين من فصائل مختلفة، لكن في الأيام الأخيرة تأكد لنا أن بعضهم ممن يحملون راية الدولة الإسلامية يستعدون للانقلاب عليها (....) نصحني أحدهم، وهو صديق طفولة، بإخراج عائلتي لأن المدينة ستشهد اشتباكات دامية قريباً».