قُتل ما لا يقل عن شخص واحد وجرح عشرات من المدنيين وعناصر الدرك الجزائري إثر انفجار قوي وُصف بأنه «انتحاري» وقع قبالة المقر الإقليمي للدرك في تمنراست (2000 كلم جنوب العاصمة الجزائرية). وفي وقت توقع مراقبون أن يكون وراء الهجوم «الفرع الصحراوي» ل «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، أوردت وكالة «فرانس برس» أن تنظيماً إسلامياً آخر تبنى العملية الأولى من نوعها التي تستهدف هده المدينة المفتوحة على الحدود الجزائرية مع مالي. وأفادت معلومات أولية أن التفجير الذي وقع صباح أمس أوقعت قتيلاً واحداً يُفترض أنه منفّذ العملية. كما أشارت المعلومات إلى إصابة 24 آخرين بجروح متفاوتة بينهم 10 دركيين وعشرة مواطنين وأربعة عناصر من الحماية المدنية كانوا بزي غير رسمي قرب مقر الدرك المستهدف. وأوضحت المعلومات أن شخصاً كان على متن سيارة رباعية الدفع توجّه بها نحو مبنى المجموعة الإقليمية للدرك ثم وقع الانفجار. لكن مصادر محلية قالت ل «الحياة» إن رواية التفجير الإنتحاري لم تتأكد بعد، إذ قد تكون السيارة مفخخة ولم يعرف قائدها بذلك. ويقع مقر المجموعة الولائية للدرك الوطني في حي «تهاغارت» بوسط تمنراست. وفور وقوع التفجير حامت شكوك حول تسلل مجموعات من الحدود المالية تنتمي إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وقد تكون استغلت انهماك الجيش الجزائري بضبط الأمن على الحدود الليبية في ظل مخاوف مستمرة من تسريب كميات هائلة من الأسلحة الثقيلة. وذكرت أنباء أن خبراء متفجرات من الجيش الجزائري اكتشفوا قنبلة ثانية قرب مقر الدرك ويُعتقد أنها كانت ستستهدف قائداً عسكرياً كبيراً أثناء تفقده المقر الأمني. ولم يسبق أن تمكن مسلحو «القاعدة» من التسلل إلى عمق ولاية تمنراست التي تفوق مساحتها مساحة فرنسا كاملة. وانحصرت آخر عمليات التنظيم ضد قوات الجيش على الشريط الحدودي مع مالي والذي يبعد عن مقر الولاية بأكثر من 700 كلم. وفي حزيران (يونيو) 2010 قُتل 11 عنصراً من حرس الحدود والحرس البلدي الجزائري وجرح أربعة آخرون في مكمن مسلح في منطقة تلوغات. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن «الحركة من أجل الوحدة والجهاد» في غرب افريقيا أعلنت مسؤوليتها عن هجوم تمنراست في رسالة تلقتها الوكالة في مالي المجاورة. وقالت الحركة التي ظهرت في العام 2011 وتنادي بالجهاد في غرب افريقيا، في رسالة خطية مقتضبة: «نبلغكم أننا نقف وراء الانفجار ... هذا الصباح في تمنراست في جنوبالجزائر». وأعلنت «الحركة من أجل الوحدة والجهاد» في غرب افريقيا مسؤوليتها العام الماضي عن خطف ثلاثة أوروبيين في تندوف (غرب الجزائر) معقل الانفصاليين الصحراويين في جبهة «بوليساريو». ومن الناحية الرمزية، يمكن إحالة تفسير ضرب ولاية تمنراست بوجود المقر الرئيسي للقيادة العسكرية الموحدة لدول الساحل والتي تنسّق تبادل المعلومات وعمليات التمشيط على الحدود ضد «القاعدة» في أربع بلدان هي: الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر. ويعتقد محللون أن العملية قد تزيد من متاعب قوات الأمن الجزائرية التي تشتغل على جبهتين: الأولى ضبط الحدود مع ليبيا لمنع تهريب الأسلحة، والثانية مشتعلة في شمال مالي حيث تدور معارك قوية بين الجيش النظامي و «حركة تحرير الأزواد». وتقول الجزائر إن الأحداث في مالي قد تقوّي شوكة فرع «القاعدة» المغاربي. وتتشكل إمارة الصحراء في «القاعدة» من أربع كتائب هي: «الملثمون» التي يقودها مختار بلمختار المكنى «الأعور» (خالد أبو العباس»)، وكتيبة «طارق بن زياد» التي يقودها عبدالحميد أبو زيد، وكتيبة «الفرقان» التي يقودها يحيى بن همام، و «كتيبة الأنصار» التي يقودها الطارقي أبو عبدالكريم. ويُعتقد أن الكتائب الأربع تتداول على القيام بعمليات مسلحة في المنطقة، كما تتداول عمليات إخفاء الرهائن الغربيين لإضعاف فرص محاولات تحريرهم. على صعيد آخر، أعلن الناطق باسم الخارجية الجزائرية عمر بلاني أن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي سيقوم الإثنين بزيارة عمل لليبيا تلبية لدعوة من نظيره الليبي عاشور بن خيال.