من أكثر الرابحين من كل عاصفة ترابية قوية تهب على أي مدينة؟ سيتبادر إلى أذهانكم أطباء الصدرية، الصيدليات، والعاملات المنزليات الهاربات اللاتي يتم تأجيرهن بالساعة أو باليوم في سوق مفتوحة، من أيضاً؟ القائمة طويلة لكن من بين أبرز من فيها شركة المياه الوطنية. لا أعرف إن كان لمفتشيها مستهدف ماليٌ يجب تحقيقه، ويحصلون بعد ذلك على «بونص»، لكن المشاهد أخيراً أن عمل بضع ساعات بعد أي عاصفة يقابل «مكدة» شهر، فغالب الناس ستغسل بيوتها، وحتى أصحاب الشقق والعمائر سيغسلون مداخلهم. تتسرب المياه إلى خارج المنزل، ويأتي المفتش ويفرض غرامة قدرها 200 ريال في المرة الأولى، حسناً هذا من واجبه الوظيفي، كما هو واجبنا أن ننظف منازلنا من الغبار، لكن مبلغ 200 ريال يعادل تقريباً قيمة فاتورة المياه عشر مرات في المتوسط، فهل هذا عادل لعامة الناس؟ بالطبع لا، وهناك من يدفع صاغراً كل شهر، وهناك من يذهب إليهم ويطالب وينافح وينجح أحياناً، ويفشل أخرى، كلٌ بحسب قدراته المالية، وتوافر الوقت لديه. موضوع صغير، عائلي ربما، اقتصادي، وهو تنموي إذا أردنا التحدث بوضوح، فالقضية أن الشركة تطالب الناس بالتنظيف بطرق أخرى، والواقع يقول إن كميات الغبار ضخمة، لا تنفع معها الوسائل المقترحة، وليس هناك سوى «الليّ». البعض يقوم بإنشاء مسارب مياه أمامية تصب فيها مياه التنظيف وتهب للصرف الصحي، بمعنى أن هدف المنع من الإسراف لم يتحقق، لكن ذلك لا يتأتى إلا لملاك المنازل وهم الأقلية أخيراً، بحسب ما نقرأ، أو لمن لديهم صرف صحي في أحيائهم، ومن ليس لديه صرف صحي ستفيض مياه الصرف الصحي، ويحصل أيضاً على الغرامة، فيؤثر غرامة نظافة، على أخرى لها رائحة مزعجة. تحضر أغنية «المويه بتجري ما هي عارفه رايحة لفين» في كل شارع بعد كل عاصفة، وإحدى الملاحظات أن بعض المفتشين يخالف كل البيوت في الشارع إذا اختلطت المياه المتسربة ولم يعرف مصدرها تحديداً، وتمرُّ القصة كون البعض لا يعلم هل هذه المخالفة عن هذا الأسبوع أم عن ذاك؟ إذاً ماذا تفعلون؟ صديقي «أبو الونّات» يقترح عليكم عكس «ميول بيوتكم» وتصاميم «أحواشكم» فبدلاً من أن تكون إلى الأمام اجعلوها إلى الخلف، واجعلوا أشجاركم وأزهاركم هناك فمنها تنظفون من دون غرامات، وتسقون زرعكم، وربما وجدت لواقع بين ثنايا الغبار المجروف بالماء. ربما هو يمازحنا، لكن الطقس لا يمزح، والشركة ومفتشوها لا يفعلون، والصرف الصحي يمشي بطيئاً. هذا الموضوع الصغير ليس في الحقيقة كما يبدو، إننا ندفع ثمن تأخر مشاريع معينة، فهل يحق لنا تجيير المخالفات إلى من أصدرها مجدداً؟ [email protected] @mohamdalyami