تكثر هذه الأيام حالات ارتياب المديرين في الموظفين، فنفر غير قليل من الآباء وربما حتى العزاب يأتون إلى أعمالهم بصعوبة، عيونهم حمراء و«منفوخة» من قلة النوم. في الإجمال المجتمع السعودي مجتمع ليلي، وتعود الكثيرون للأسف على السهر، لكنهم هذه الأيام يسهرون أكثر إلى ساعات متأخرة جداً من الليل، لسببين رئيسيين، إجازة المدارس وموسم الزواجات. في المتوسط لدى الرجل المتزوج ما لا يقل عن عشر مناسبات زواجات من أقاربه أو أقارب زوجته، بخلاف دعوات زملاء العمل والجيران، وحفلات النساء تتأخر بشكل ممجوج، إذ لا تبدأ الفعاليات من تناول العشاء و«نصة» العروس قبل منتصف الليل. وحتى أولئك الذين لديهم سائقون لا يستطيعون الاستفادة منهم، كون النساء يعدن متأخرات جداً وبكامل زينتهن. ومشكلة حفلات الزواج تتفاقم عندما يكون أحد العروسين من «أهلية» الزوج أو الزوجة، فهذا يعني «السنترة» في الموقع حتى آخر فوج نسائي، إذ لا يعقل أن تترك المرأة زواج ابنة عم خالة والدتها قبل الآخرين، ولأنها تصل أهل زوجها، فهي أيضاً لا يمكنها أن تفوت أياً من التفاصيل، التي يمكن أن تكون مادة «حش» في الغد عند حديثها عن زواج ابن خالة عم والدة زوجها. ومن تسلم ليلته من زواج، لا تسلم من سهر الأبناء، وبالطبع ليس لدى الجميع منزل من دورين ينام الأب في الأعلى، ويترك «الدرعا ترعى» في الأسفل، والبعض يشارك في السهر الليلي مختاراً، والبعض مرغماً، والمحصلة النهائية كما أسلفت عيون حمراء متورمة كل صباح، وإنتاجية شبه معدومة، ودعاء وابتهال للمولى عز وجل أن تبدأ الدراسة عاجلاً، أو أن يقيض الله للمجتمع درب رشد سلوكي، تنتهي معه حفلات الأفراح منتصف الليل. والحالة هذه تنتعش أسواق قطرات العيون، والنظارات الشمسية، ومسكنات الصداع، وتتاح فرص عمل جديدة من جهة عندما تتطور الأمور بين موظف ومديرة، وتنتهي بالفصل أو الاستقالة، وينضم الى أسراب العاطلين كثير ممن يؤدون واجباتهم الاجتماعية أو الأسرية على أكمل وجه. وعليك عندما شركة جهة حكومية أو شركة ما، وتجد الموظف وقد برزت عيناه مترين للأمام أن تبادره فوراً بقولك «بالرفاه والبنين» أو بالدعاء المعروف «بارك الله لهما»، وإذا لم يتفاعل معك تعرف أن سهرته لم تكن «زواجية»، فتبادره بالتشكي من الإجازة الصيفية وشقاوة الأبناء وسهرهم والترحم على أيام الدراسة، حتى تشعره بالارتياح ويبدأ «الفضفضة»، ويمكنك حينئذ إنجاز معاملتك. [email protected]