«أحيي ثورة شعوب الشرق الأوسط وتحركهم النشط للتخلص من الفساد والهيمنة الأجنبية وهم كانوا يائسين من عدم حصولهم على الحق بالحرية والاستقلال وأرادوا التخلص من الطغيان والاستبداد ولذا هنا أهنئ الشعب المصري والتونسي بثورتيهما». من يصدق أن هذه الكلمات هي لوزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي أمام مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف يوم الاثنين، وهو المجلس نفسه الذي قرر عقد جلسة خاصة بسورية بطلب من عدد كبير من أعضاء الأممالمتحدة التي تريد قراراً يدين خروق النظام السوري المريعة لحقوق الإنسان إزاء شعبه. إن خطاب الوزير الإيراني عكس حالة من نكران بالذات لنظام إيراني يستبد بشعبه ويدافع عن حليفه السوري الذي يقتل يومياً على الأقل خمسين شخصاً من سكان مدنه الباسلة، الذين يثورون من اجل الحرية وإسقاط الاستبداد والطغيان اللذين تحدث عنهما الوزير الإيراني. حتى أن وزير خارجية فرنسا ألان جوبيه سخر من الوزير الإيراني متسائلاً لماذا لم يكمل التحية لشعب سورية في ثورته؟ إن مباركة الوزير الإيراني لكل من ثورة مصر وتونس غريبة من دولة تبذل كل الجهود لمساعدة الطغيان والاستبداد والقتل والتعذيب ليس فقط في بلدها ولكن في سورية، حيث ترسل بواخر حربية محملة بالسلاح والنقد لحماية نظام مستبد بشعبه منذ عقود. فالنظام السوري خلال ثلاثين سنة من وجوده في لبنان فعل ما يفعله بالشعب السوري حالياً. ولكن الفرق كان أن البعض في لبنان تواطأ معه في سبيل المناصب والسلطة. فلا احد في بيروت ينسى حصار الأشرفية عندما قصفتها القوات السورية كما تفعل في حمص. فكان النظام السوري ناشطاً لمدة عقود في لبنان بالقمع والقتل والخطف والتفجير. والتواطؤ لم يكن فقط داخل لبنان، ولكن العالم كله سكت عن ممارساته في لبنان وفي الطليعة إسرائيل التي أثبتت أن النظام السوري يناسبها. واليوم والعالم قد تغير واستيقظت الدول العربية لترفض الممارسات التي تفوّق بها النظام السوري في الماضي القريب في لبنان، تجد الدول الفاعلة في الغرب وفي الشرق أنها في مأزق أمام موقف روسيا والصين وليس فقط بسبب الفيتو. فالدول التي دفعت إلى تغيير الأوضاع في ليبيا تزعم أن التدخل العسكري في سورية غير ممكن لأن المعارضة السورية ليست موحدة. ولكن الحقيقة أن هناك مواعيد انتخابية رئاسية مهمة في الولاياتالمتحدةوفرنسا كما في روسيا. وكل رئيس مرشح لخوض حملة انتخابية لا يريد المخاطرة بالقيام بعملية عسكرية نتيجتها غير مضمونة. فبالنسبة إلى فرنسا يبقى التدخل العسكري مستبعداً على رغم أن خصم الرئيس نيكولا ساركوزي الاشتراكي فرانسوا هولاند يؤيد موقف فرنسا من النظام السوري. والمشكلة نفسها أمام الرئيس الأميركي وأيضاً الروسي الذي يستخدم الفيتو لأغراض أخرى عديدة منها تخوفه من هيمنة الإسلاميين في جمهوريات آسيا الوسطى. فعلى الشعب السوري الباسل أن يعتمد على نفسه وأن يتجنب ما فعله اللبنانيون بانقساماتهم القاتلة. فمعاناته طويلة خصوصاً مع مساندة إيران للنظام السوري، مع أن النظام الإيراني يزعم انه يتغنى بالثورات العربية وهو يساعد من يقمعها. فنتيجة الاستفتاء السوري على الدستور هي برهان آخر على حالة إنكار الواقع لدى كل من النظامين السوري والإيراني. إلا أن شباب الثورة السورية الشجعان سينتصرون رغم كل الواقع الصعب لأنهم تجرأوا على رفض الطغيان وطلب الحرية.