أزمة تلو أزمة، محنة بعد مشقة، كهرباء، ماء، وقود، دواء، واللائحة تطول، ولازال الشعب الغزي يصمد كاسراً كل المقاييس بصبر يعاند به كل الشدائد، رافضاً رفع الراية البيضاء، شعب ضحى بالغالي والنفيس، بالدماء والأبناء والأموال والبيوت وبكل ما يخطر على بال بشر من تضحيات قدمها من أجل قضيته، وأخذ على عاتقه أن يكون رأس حربة في الدفاع عن الأمة الإسلامية والعربية غير آبه بما يدفعه من أثمان... ولكن! أزمات تدور رحاها منذ سنوات يكاد المواطن يكابد بالتغلب عليها على حساب جوانب مهمة من حياته، حتى وصل به الحد إلى كثير من التأفف لما يحدث بمشكلة الكهرباء التي ما تكاد تتحسن لبعض الوقت في شكل ربما يكون أفضل بقليل مما كان، حتى تعود الأزمة من جديد بأسوأ مما كانت عليه. كثيرة التبريرات التي نسمعها من هنا وهناك، وسيل من الاتهامات التي توزع بالمجان من جميع الأطراف على بعضها بعضاً ولا تزال الأزمة مستمرة، ولا أحد يدفع الثمن بقدر ما يدفعه المواطن البسيط، فأغلب الشعب الفلسطيني في غزة هو من الطبقة البسيطة التي لا تدري من أي جهة تتلقى المعاناة في شكل يكاد يكون دورياً! تفاقمت الأزمة منذ قصف الاحتلال محطة توليد الكهرباء إبان أسر الجندي شاليط في عملية «الوهم المتبدد»، فمنذ ذلك الوقت ونحن نعاني صعوبات جمة بأزمة الكهرباء ولازلنا نعاني منها بعد هذه السنوات، من دون أن نلمس واقعاً جديداً رغم ما تتناوله وسائل الإعلام من تقديم دعم في شأن أزمة الكهرباء من مولدات إلى الأدوات، وما يلزم من احتياجات لشركة الكهرباء، والنتيجة، لا جديد يلمسه المواطن على هذا الصعيد بل المزيد من الأزمات والمعاناة التي باتت هاجسه اليومي. وبمجرد طرح السؤال حول المستفيد مما يحدث من أزمات متعاقبة وعلى رأسها أزمة الكهرباء، ستجد على الفور أصابع الاتهام تتوجه نحو الاحتلال فقط، فليس لدينا جواب بما يكفي من الصدقية والشفافية لنشير إلى المستفيدين من هذه الأزمة غير الاحتلال، والإشارة إلى إثباتات وبراهين واضحة كي يدرك الشعب إلى أين هو ماض. لقد بات المواطنون في غزة يشعرون بأن في الأزمة جوانب مفتعلة ومضخمة ربما للفت أنظار العالم وتلقي المزيد من المساعدات على حساب معاناة الشعب الفلسطيني المنهك أصلاً بأزمات لا تنتهي. لقد مل الشعب من الحلول الجزئية التي سريعاً ما تعود إلى السطح وبمزيد من الصعوبات عما كانت من قبل، إنه يريد إدارة جديدة لسلطة الطاقة تستطيع إخراجه من عنق الزجاجة وتجاوز أزمة الأخلاق التي تعصف بنا.