يُجري مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مناقشةً طارئة اليوم بشأن الوضع المتدهور في سورية، بعد ان قالت روسيا إنها «ليس لديها اعتراض رسمي» على المناقشات، لكنها حذرت من أن «أي تسجيل مكتوب للمحادثات سيكون له آثار عكسية». واستهلت قطر افتتاح الجلسة السنوية لمجلس حقوق الانسان التي تستمر اربعة اسابيع، بتوجيه طلب بإجراء مناقشة عاجلة بشأن سورية، وهو طلب لقي تأييداً من أعضاء الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الولاياتالمتحدة. فيما اعترضت إيران على إجراء هذه المناقشة، لكن طهران بصفتها مراقباً، لا يمكنها عرقلة الإجماع في المجلس المكون من 47 عضواً. وقال دبلوماسيون ومسؤولون في الأممالمتحدة، إن مبعوث الاممالمتحدة والجامعة العربية بشأن سورية كوفي عنان، يجري محادثات في جنيف مع وزيري الخارجية الايراني علي اكبر صالحي والفرنسي ألان جوبيه. وقال مسؤول في الاممالمتحدة نقلاً عن العاملين في مكتب عنان في جنيف، حيث كان الوزيران يتحدثان امام مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة: «هو في اجتماع مع صالحي الآن، وسيلتقي بجوبيه في وقت لاحق». ودعا عنان في اول تصريح له يوم الجمعة، إلى التعاون الكامل بين كل الأطراف والدول المعنية للمساعدة في وضع نهاية للعنف وانتهاكات حقوق الانسان في سورية. من ناحية أخرى، قال الوفد الروسي إنه لا يعتقد أن «المناقشة ضرورية» بعد ثلاث جلسات خاصة سابقة لمناقشة الازمة السورية، لكنه قال في وقت لاحق إنه سيمضي قدماً مع الإجماع. وقالت الدبلوماسية الروسية مارينا كورونوفا: «لن نعترض على عقد اجتماع خاص في مجلس حقوق الانسان لبحث الموقف في سورية. وفي الوقت ذاته ندعو جميع الوفود المهتمة الى ضمان ان تجري المناقشات في مناخ بنّاء وغير منحاز قدر الإمكان». وتابعت: «مازلنا نعتقد ان أي تسجيل للاجتماع في شكل وثيقة مكتوبة لن يكون مفيداً، وسيكون له آثار عكسية». وأي قرار يصدر عن الاجتماع الرئيسي لمجلس حقوق الإنسان، لن يكون له أثر عملي. ووصل المجلس الى طريق مسدود بشأن سورية عندما استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد قرار يدين الحملة الدموية التي تشنها الحكومة. وتبحث دول عربية وغربية عن إدانة جديدة للقمع العنيف للقوات السورية للاحتجاجات التي بدأت قبل نحو عام. وقال السفير الكوبي رودولفو رييس رودريغيز: «نأمل في أن يكون الهدف من الاجتماع ليس ايجاد ذريعة لشن عمل عسكري وهجوم مسلح للقوى الرئيسية على سلامة الأراضي (السورية) وسيادة الشعب السوري». وأضاف: «الموقف في سورية يحتاج الى حل لكنه ليس بالضرورة ذلك الحل الذي تريد القوى فرضه». ودعت لورا دوبوي لاسيري، سفيرة اوروغواي ورئيسة مجلس حقوق الإنسان، الى ان تبعث المناقشات «برسالة قوية وبالإجماع من المجتمع الدولي تدين العنف والقمع بالقوة للمعارضة والسكان بصفة عامة». وقالت: «نطالب كل الوفود بإجراء مناقشة بناءة لمثل هذه القضية المهمة والعاجلة». وأضافت: «الوضع الإنساني حرج ونتمنى ورود رد إيجابي من السلطات (السورية) حتى تتسنى مساعدة كل الأشخاص المتضررين». ودعا جيريمي براون وزير الدولة للشؤؤن الخارجية البريطانية في كلمته، الى ان يمدد المجلس تفويض اللجنة حتى يتسنى لها مواصلة التحقيق. وعبَّر عن القلق من ان قوى المعارضة ترتكب أيضاً انتهاكات لحقوق الإنسان، وإن كان على نطاق أصغر. وقال براون: «أولئك المسؤولون عن الفظائع المروعة يجب ألاّ يساورهم شك في انهم سيحاسَبون». ولم تلتزم نافي بيلاي مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، بالكلمة التي أعدتها في مستهل الجلسة لتدعم الخطوات العربية الغربية، وقالت: «أرحب باعتزام إجراء مناقشة عاجلة لوضع حقوق الإنسان في سورية». وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه انه سيأتي يوم تواجه فيه السلطات المدنية والعسكرية السورية «وعلى رأسها الرئيس الاسد نفسه» العدالة عن الجرائم التي ارتكبتها ضد المدنيين. وفي كلمة أمام مجلس حقوق الانسان في جنيف هاجم جوبيه «عجز» مجلس الأمن بشأن سورية الذي أظهره استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) وقال ان خطة السلام التي اقترحتها الجامعة العربية هي «السبيل الوحيد» للمضي قدماً لانهاء الأزمة. وأضاف جوبيه أمام المجلس: «لا حصانة لأحد في المحاسبة على مثل هذه الجرائم». وتابع انه أمر ملح للعالم كله أن يظهر اشمئزازه من «الجرائم المروعة» التي ارتكبتها دمشق ضد شعبها، مستشهداً بما قال انه مذابح ضد المدنيين وقصف للمدن وتعذيب للأطفال وقتل للجرحى في المستشفيات. من ناحيته، اعتبر الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلي ان النزاع في سورية سيطول، داعياً النظام الى وضع حد للعنف. وقال اوغلي في مؤتمر صحافي ان «الوضع في سورية يثير حزناً كبيراً. كل يوم يقتل اناس وتهرق دماء وتدمر مدن». واضاف: «لا نلحظ مؤشرات مصالحة» و»الظروف الدولية تظهر ان هذه الازمة ستطول». من جهته، انتقد رئيس هيئة حقوق الإنسان بالسعودية الدكتور بندر العيبان، تردد المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف النزف الدموي في سورية، مطالباً الدول التي عطلت التحرك الدولي، باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف المجازر ضد المدنيين. كما دعا مجلس حقوق الإنسان إلى عدم التهاون مع حجم التصعيد الخطر الذي تشهده سورية.