خلف الجدران يمكن للمرء أن يفعل مايشاء، أن يسرق أو يزور، طالما أن عين الرقيب بعيدة عنه، وكذلك الحال مع مطاعم و«بوفيهات» تخفي «كواليسها» ممارسات «مقززة» في تحضير المأكولات والأطعمة. يتلذذ الناس بالأكل من دون علم بما تخفي الجدر والستائر، ويصاب بعضهم بالتسمم، ويبقى المتسبب مجهول المصدر والهوية. هكذا استيقظ الناس على نشاطٍ محموم للبلديات بعد رقاد طويل، طاول مطاعم ومحال تحضير الوجبات السريعة بالدهم والإغلاق، كاشفاً عن المستور والمحجوب، من طرق تحضير المأكولات الخاطئة، أو التخزين السيئ، أو ما تخفيه أدراج التخزين والثلاجات من أطنان اللحوم الفاسدة. يصف محمد منظر عامل «بوفيه» وهو يمسح يديه ب «فوطة» تفحمت بالسواد من كثرة استخدامها، مستأنفاً عمله في فرد العجين. أما أحمد فيقول: «اتجهت إلى أحد البوفيهات المعروفة لشراء «ساندويتش»، وعندما استلمت طلبي فتحت قطعة الخبز لأجد إحدى الحشرات الزاحفة تتحرك بداخله». ماجد أيضاً اكتشف في محل يبيع الفلافل بعض الأطعمة التي تم تحضيرها منذ الصباح، وظهر عليها بعض «التأكسد»، وتشير عهود إلى أنها وجدت ذات مرة حشرات صغيرة جداً تشبه تلك التي تتواجد في المستودعات والأقبية، على أكواب العصير البلاستيكية، بسبب سوء التخزين. وفي الإطار التنظيمي، وضعت وزارة الشؤون البلدية والقروية اشتراطات صحية على هذه «البوفيهات»، والتي يقصد بها الأماكن التي تقدم فيها الوجبات والشطائر الخفيفة والمشروبات ومحال تقديم العصائر والساندويتش والمشروبات الباردة والساخنة، ومحال تقديم أغذية التسالي مثل «البطاطس» و «البليلة» و «الفشار» و«الذرة» و«الآيسكريم»، ومحال تقديم «الفول» و «الفلافل» و «المطبق» و «الكبدة»، والتي يجب أن تتوافر بها شروط ومقاييس من حيث المواقع والتصميم، الذي يراعى فيه المباني المخصصة للإعداد والتجهيز والتخزين وتداول الغذاء، إلى جانب الاهتمام بمناطق الخدمات المختصة بالتحضير والطبخ وغسيل وحفظ الأواني والاهتمام بالمستودعات وصالة الطعام والنفايات. وتشير وزارة الشؤون البلدية و القروية، إلى أن هذه اللوائح تهدف بالدرجة الأولى إلى المحافظة على صحة وسلامة المستهلك، ويعنى بتطبيقها المستثمرون في مجال الأنشطة ذات العلاقة بالصحة العامة، وتشرف على تطبيقها الجهات المختصة من الوزارة وفروعها. وأوضح مدير الرقابة التجارية في أمانة جدة علي الغامدي ل«الحياة» أن الجولات التفتيشية الرقابية، تقوم بدورها بصورة مستمرة وبشكل مكثف، ويأتي ذلك ضمن حرص الأمانة على كل ما يتعلق بالصحة العامة من خلال تكثيف هذه الجولات الرقابية، مؤكداً على أنه يتم تصحيح وضع المخالفات مع «البوفيهات» المخالفة، وإيقاع غرامات عليهما بالحد الأعلى حتى تصحيح الوضع، ويتم بعدها إيقاف المحال التي لم تتجاوب. وقال الغامدي إن المطاعم التي تم ضبط مخالفاتها الأسبوع الماضي من خلال الجولات التفتيشية التي نفذتها أمانة جدة، لوحظ عليها سوء حفظ المواد الغذائية ك (تسييح الدجاج في درجة حرارة الغرفة)، وسوء تداول المواد الغذائية، إذ تحفظ المواد الغذائية داخل عبوات بلاستيكية مخصصة للقمامة. وأضاف: « اكتشفت فرقة المراقبة تدني مستوى النظافة العامة وتراكم النفايات وعدم التخلص منها، إضافة إلى عدم ارتداء ستة من العمال الزي الخاص بمهامهم، وعدم وجود بطاقة صحية لأحد العمال مع مخالفات بالمبنى تركزت في عدم صيانة الأرضيات والحوائط والأسقف. ومن الناحية الطبية، تؤكد اختصاصية التغذية الدكتورة رويدة إدريس على أهمية مراقبة تواريخ الصلاحية وطرق حفظ الأغذية في أماكن جافة ودرجات حرارة مناسبة وبعيداً عن أي مواد كيماوية، مشيرة ًإلى أهمية اختيار العمالة المختصة ممن يمتكلون إقامةً نظامية وخبرةً في المجال، مع اشتراط خضوعهم لجميع الفحوصات الطبية اللازمة، وحصولهم على الشهادة الصحية التي تخولهم التعامل مع المواد الغذائية بسلامة، منوهة بأهمية سلامة الأواني المستخدمة، وأن تكون من النوعيات الجيدة غير القابلة للصدأ.