من لا يعرف البرازيل يسمع عن سحرها، إذا ما كان الحديث مرتبطاً بالسياحة، لكن الواقع حين تقف عليه يبدو مختلفاً تماماً، فالسحر الذي يتحدثون عنه لا يقصد به جمال الشواطئ أو الآثار، بقدر ما يكون الحديث عن بساطة الشعب وسهولة الاختلاط معهم والتعرف عليهم. أزقة بالغة الضيق، وعشوائيات تروي عن الفقر معاناة يومية، وفصول متاعب وشقاء يحكيها كل من تلتقيه، لكنهم في مجملهم طيبون بسيطون ودودون، والأهم من ذلك صادقون، هم يرحبون بك دائماً ليكشفوا لك عن حقيقتهم دونما خجل، والحقيقية كافية لإقناعك بما يعانون، وبما يخلفه لهم المونديال من أعباء. الرعب عنوان كل زيارة تقودك إلى إحدى عشوائيات البرازيل، سحر «كوباكبانا» يختفي متى قررت الوقوف على عشوائيات ريو دي جانيرو، إن قررت البقاء على البحر فأحلامك السعيدة تتحول واقعاً، شاطئ ممتلئ عن آخره بجماهير الكرة، كل منهم يبحث عن الاستمتاع بالمونديال، اترك ذلك وابحث عن زيارة المدينة والوقوف على المناطق البعيدة عن الشاطئ للتتعرف على الحقيقة بنفسك، إن كنت تبحث عنها. ما إن تتوغل في عشوائيات ريو دي جانيرو حتى يتحول خروجك منها سالماً إلى حلم بالغ الصعوبة، محاولات التنكر كلها ستبوء بالفشل، كل الأعين ستسلط عليك، «الحياة» زارت بعض تلك العشوائيات، وعلى رغم كل محاولات الاندماج والحذر من لفت الأنظار فإن الجميع، من الوهلة الأولى، وجّه نظرات الاستغراب تجاهنا. عشوائيات متهالكة وأطفال تشرح ثيابهم الفقر بكل فصوله، على رغم ذلك تعلو تلك الأحياء كاميرات مراقبة حكومية مسلطة على كل جزء من المنطقة، تقول التقارير إن الحكومة قررت مراقبة الأحياء بكلفة باهظة، إذ إن قيمة المركز الذي يجمع كل الأحداث اليومية للأحياء تزيد على ستين مليون دولار، فيما يقول أهالي تلك المناطق أما كان من الأولى أن يتم استخدام تلك الأموال في تطوير الأحياء وتوفير الخدمات لأهلها عوضاً عن مراقبتهم.