في اليوم العاشر للعدوان على قطاع غزة، شنت إسرائيل هجوماً برياً حدد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أهدافه ب «تحقيق الأمن للمواطنين» و»القضاء على الأنفاق»، في وقت أجمعت الآراء على اعتبار أن الهجوم يستهدف إجبار حركة «حماس» على قبول وقف إطلاق النار. بموازاة ذلك، بُذلت مساع حثيثة للضغط على «حماس» من أجل قبول المبادرة المصرية للتهدئة، كما عقد مجلس الأمن جلسة للبحث في المستجدات. (للمزيد) وأعلن الرئيس باراك أوباما أمس أنه تحادث هاتفياً مع نتانياهو وعبر له عن قلقه إزاء الوضع في غزة، وأبلغه أن وزير الخارجية جون كيري مستعد لزيارة المنطقة. وقال في مؤتمر صحافي إن واشنطن تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، إلا أنها «مع أصدقائها وحلفائها، تعرب عن القلق العميق إزاء مخاطر تصاعد العنف وفقدان المزيد من الأرواح البريئة». وعقد مجلس الأمن اجتماعاً عاجلاً مساء أمس للبحث في الوضع في غزة بناء على طلب المجموعتين العربية والإسلامية، إذ طلب كل من السفير السعودي عبدالله المعلمي بصفته رئيساً لمجموعة منظمة التعاون الإسلامي، والسفير الكويتي منصور العتيبة بصفته رئيساً للمجموعة العربية للشهر الجاري، وبالتنسيق مع سفراء فلسطين ومصر والأردن والجامعة العربية، عقد الاجتماع كي ينظر المجلس في الوضع «المتدهور» في غزة. وأصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً الأسبوع الماضي عن غزة دعا فيه إلى إحياء قرار وقف النار لعام 2012. وكانت المجموعة العربية تقدمت بمشروع قرار لها قبل إصدار البيان الرئاسي، لكنها لم تطلب التصويت عليه في حينه. وبحسب المصادر، فإن هذا المشروع موجود وينتظر اتخاذ قرار سياسي إما بطلب التصويت عليه، أو الاكتفاء بجلسة علنية لمجلس الأمن من دون طلب إجراءات. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن «قلقه الكبير» حيال «التصعيد» في غزة، معتبراً أن هذا الأمر يجعل السعي إلى وقف النار «أكثر إلحاحاً من أي وقت»، مكرراً «استعداده» لدعم تلك الجهود. وأضاف: «سقط عدد كبير من القتلى المدنيين، بمن فيهم اطفال عديدون مثل أولئك الذين قتلوا على الشاطىء. نأسف بشدة لهذه الأحداث، وندعو إلى التحقيق فيها سريعاً». كما ندد ب «إطلاق الصواريخ المتواصل من غزة على إسرائيل»، مشدداً على «حقها في الدفاع عن سكانها من تلك الهجمات». في غضون ذلك، جددت مصر دعوتها الأطراف المعنية بالقبول الفوري وغير المشروط للمبادرة المصرية «لما تتيحه من توفير للحماية للشعب الفلسطيني» و»باعتبارها السبيل الوحيد لوقف الاعتداءات». وكانت «حماس» رفضت المبادرة المصرية وطالبت بتعديلها. وكشف مسؤول فلسطيني رفيع ل «الحياة» أن الاعتراف المصري ب «حماس»، والدور التركي والقطري في اتفاق التهدئة المقترح، حالا دون التوصل إلى اتفاق لوقف النار خلال المحادثات التي جرت في القاهرة أول من أمس. وقال إن «حماس» أرادت الاعتراف المصري بها حتى يكون لها دور مستقبلي في كل ما يتعلق بقطاع غزة، كما أرادت مشاركة تركياوقطر في رعاية الاتفاق لضمان دورهما في التنفيذ. وقال: «الرئيس يتحرك على المستويات المختلفة، ويجري اتصالات مع عدد من الاطراف الدولية والاقليمية بهدف وقف الحرب على غزة، ورفع الحصار عنها». وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس سلسلة محادثات في القاهرة مع كل من وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، ووزيرة خارجية إيطاليا فيديريكا موغيريني، ووزير الدولة الإماراتي سلطان الجابر، تناولت الوضع المتدهور في غزة. وكان شكري صرح بأنه كان بوسع «حماس» إنقاذ أرواح العشرات من سكان غزة لو أنها قبلت بالمبادرة المصرية، متهماً «محور حماس - قطر - تركيا» بمحاولة إفشال الدور المصري. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي إن فرنسا طلبت من قطر التي تربطها علاقات وثيقة مع «حماس»، بأن تستخدم نفوذها لدى الحركة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وقال فابيوس في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره المصري، إنه هاتف وزير الخارجية القطري خالد العطية الذي رد بأن «حماس تريد مفاوضات على بعض النقاط، خصوصاً في ما يتعلق بالحصار». وأكد تأييد بلاده المبادرة المصرية، معتبراً أنها ما زالت صالحة. وكان فابيوس صرح عقب لقاء قصير مع الرئيس محمود عباس في القاهرة بأن عباس «طلب مني أن أتصل بالأتراك والقطريين الذين تربطنا بهم علاقات جيدة لأنه يمكن أن يكون لهم تأثير خاص على حماس». ووصل عباس أمس إلى تركيا في زيارة يلتقي خلالها رئيس المكتب السياسي ل «حماس» خالد مشعل، قبل أن ينتقل الى البحرين ثم قطر في إطار الجهود الرامية لإقناع قادة «حماس» بقبول المبادرة المصرية. وذكرت الصحيفة السويسرية «نويه تسورشر تسايتونغ» أن عباس وجه رسالة الى سويسرا بصفتها الدولة المؤتمنة على اتفاقات جنيف لعقد مؤتمر عاجل في شأن الوضع في الاراضي المحتلة. من جانبه، أعلن الكرملين ان الرئيسين الايراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين بحثا هاتفيا في ضرورة انهاء الصراع في غزة واستئناف المحادثات المباشرة الفلسطينية - الاسرائيلية. وفي إطار رد فعل «حماس»، أكد مشعل لوكالة «فرانس برس» إن الهجوم البري آيل إلى الفشل، وقال: «ما عجز عن تحقيقه المحتل الإسرائيلي عبر العدوان الجوي والبحري... لن ينجح في تحقيقه عبر الاجتياح البري». كما اعتبرت «حماس» أن بدء الهجوم البري «خطوة خطيرة وغير محسوبة العواقب، وسيدفع ثمنها الاحتلال غالياً، وحماس جاهزة للمواجهة». ميدانياً، استشهد منذ بدء العدوان البري 33 فلسطينياً حتى مساء أمس، ما رفع عدد الشهداء الى نحو 273، في حين أكدت «أونروا» أن عدد النازحين في قطاع غزة تضاعف في الساعات ال 24 الاخيرة ليجاوز 40 ألف شخص. عسكرياً، دارت منذ فجر أمس اشتباكات مسلحة عنيفة جداً بين مقاومين من الأجنحة العسكرية المختلفة وبين قوات الاحتلال المتوغلة في المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية الشرقية من القطاع. لكن سرعان ما انسحبت قوات الاحتلال من بلدة بيت لاهيا بعد اشتباكات عنيفة، فيما واصلت الفصائل اطلاق الصواريخ على معظم المدن الاسرائيلية الكبرى، بدءاً من ديمونا وبئر السبع جنوبا وحتى حيفا شمال.