فوجئ الوسط السياسي اللبناني بخرق وزير العمل شربل نحاس التعهد الذي قطعه على نفسه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون أمام رئيس المجلس النيابي نبيه بري من أنه سيوقّع على مرسوم بدل النقل تمهيداً لإحياء جلسات مجلس الوزراء التي توقفت بسبب امتناع نحاس عن التوقيع على المرسوم الذي كان مجلس الوزراء اتخذ قراراً به. وكان يفترض أن يوقع نحاس، وفق الاتفاق، على المرسوم في التاسعة صباح أمس ويرسله الى رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، على أن يودع رئاسة الحكومة في الواحدة بعد الظهر، لكن وزير العمل لم يلتزم التفاهم الذي توصل إليه الرئيس بري مع عون الجمعة الماضي باعتباره الممر الإجباري لمعاودة جلسات مجلس الوزراء، وبادر الى وضع استقالته من الحكومة بتصرف عون. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية ونيابية أن أجواء التفاؤل التي أشيعت أول من أمس بقرب توقيع نحاس على مرسوم بدل النقل «أخذت تتراجع ليلاً على رغم أن جميع الذين تواصلوا مع عون خرجوا بانطباع بأن وزير العمل لن يبقى طويلاً على موقفه الرافض توقيع المرسوم وأنه سيضطر الى تغيير موقفه نزولاً عند رغبة «الجنرال». وأكدت المصادر أن بري تبلّغ ليل أول من أمس وفي شكل قاطع بأن نحاس سيوقع على المرسوم وأن لا صحة لما يشاع عن أنه لم يقتنع بالعودة عن قراره الامتناع عن التوقيع، وقالت إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تبلغ الموقف نفسه أثناء تناوله العشاء بدعوة من رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط في حضور الوزراء غازي العريضي، وائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو. لكن بري، وفق المصادر، «بقي حذراً وفضّل الصمت الى حين حلول الصباح ليتأكد من أن توقيع نحاس على المرسوم حصل فعلاً». وقالت إن بري حبس «تفاؤله» ليتأكد مما إذا كان فعلاً سيوقع، وعلى ماذا سيوقع، على المرسوم الذي أقره مجلس الوزراء أم أنه سيرسل مرسوماً معدلاً الى مجلس شورى الدولة؟ وأضافت أن نحاس «فاجأ نواب تكتل التغيير والإصلاح برفضه التوقيع مع أنه كان أبلغهم عدم قانونية المرسوم وأن لديه تحفظات عنه، لكنه سيضطر الى مراعاة التكتل طالما أن البلد قائم على التسويات وليس في مقدوره وحده أن يقاوم الى ما لا نهاية». ولفتت المصادر الى أن نحاس «سرعان ما بدّل موقفه وأبلغ وزراء بأنه لن يوقع على أي مرسوم يخالف قناعاته ولديه جملة من الاعتراضات القانونية عليه، وإذا كان لا مفر من التوقيع فإنه سيعد مشروع مرسوم معدلاً ويرسله الى شورى الدولة لأخذ رأيه». وأكدت أن نحاس «لم يخالف قرار مجلس الوزراء في امتناعه عن التوقيع على المرسوم فحسب، وإنما ارتكب مخالفة أخرى تمثلت في رفضه إعداد مشروع قانون ترسله الحكومة الى المجلس النيابي ليجيز لها تحديد بدل النقل والمنح المدرسية». وسألت المصادر إذا كان الوزير تخلف عن التوقيع على المرسوم بذريعة أنه مخالف للقانون، فلماذا تخلف عن إعداد مشروع القانون ليقره مجلس الوزراء ويرسله الى البرلمان لمناقشته والتصديق عليه؟ ورأت أن «تخلف نحاس فتح الباب أمام النائب في كتلة «المستقبل» نبيل دو فريج ليتقدم من المجلس النيابي باقتراح قانون معجل مكرر في هذا الخصوص، ومن ثم أمام النائب في «تكتل التغيير» إبراهيم كنعان ليتقدم باقتراح آخر في الجلسة التشريعية التي تعقد اليوم وعلى جدول أعمالها اقتراحا القانون، إضافة الى أنه أراد من خلاله أن يحفظ ماء الوجه لنحاس عبر تضمين الاقتراح فقرة تنص على إضافة بدل النقل الى تعويض نهاية الخدمة. وأكدت المصادر عينها أن ميقاتي «أصر على أن يوقع نحاس مرسوم النقل قبل عقد الجلسة بعدما تبلغ من الرئيس بري وقيادة «حزب الله» أن عون تعهد توقيع وزير العمل عليه. وقالت إن ميقاتي أبلغ من يعنيهم الأمر أنه لن يدخل الى البرلمان إذا لم يكن مرسوم النقل بيده». وأضافت أن ميقاتي «سيتحفظ عن مناقشة اقتراحي القانون ما لم يسبقها توقيع نحاس على المرسوم لأنه يرفض تكريس سابقة برفض الوزير التقيد بقرارات الحكومة حتى لو كان معترضاً عليها وأن من حقه أن يتحفظ شرط ألا يعوق تطبيقها». وتابعت المصادر أن بري وميقاتي متوافقان على أنه لا يمكن البرلمان أن يحل مكان الحكومة بحيث يصبح في إمكان أي نائب التقدم باقتراح قانون بحجة أن الوزراء لا يتقيدون بقراراتها.