واشنطن - أ ف ب - تحتفل الولاياتالمتحدة غداً الإثنين بمرور خمسين عاماً على الرحلة المدارية الأميركية الأولى، إلا أن شعوراً بالمرارة يرافق هذه الذكرى، لأن غزاة القمر القدامى باتوا يعتمدون على روسيا لتنفيذ رحلاتهم المأهولة إلى الفضاء... في 20 شباط (فبراير) 1962 عند الساعة 9.47 صباحاً، تمكن رائد الفضاء جون غلين في محاولته الحادية عشرة من الإقلاع من محطة كاب كانافيرال في صاروخ «أطلس»، ثم دار حول الأرض ثلاث مرات في أقل من خمس ساعات. وبعد سنة تقريباً من مهمة رائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين، أعادت هذه المهمة الناجحة إلى أميركا الثقة بقدرتها على غزو الفضاء وحولت جون غلين بين ليلة وضحاها إلى بطل قومي. وبعد خمسين سنة، لم ينس غلين، في سن التسعين، البُعدَ السياسي الذي حمله إنجازه، فقد قال في مؤتمر صحافي في كاب كانافيرال، إن السوفيات «كانوا يؤكدون في تلك الحقبة أنهم أعلى مستوى منا تقنياً، لأن صواريخهم تطير فيما تميل صواريخنا إلى الانفجار عند منصة الإقلاع، وأن نظامهم الاجتماعي أهم من نظامنا أيضا». وأضاف: «في تلك الفترة، كثرت التكهنات حول الدور الذي يمكن أن تضطلع به الشيوعية في العالم. وفي ظل هذه المنافسة في الحرب الباردة، اكتسب برنامج ميركوري المداري جزءاً من زخمه». ويتذكر سكوت كاربنتر، الأميركي الثاني الذي قام برحلة مدارية في 24 أيار (مايو) 1962، أن الرحلات المدارية الأولى مهدت الطريق لغزو الانسان القمر وهو إنجاز حققه الأميركيون بعد سبع سنوات في تموز (يوليو) 1969. وقال كاربنتر في المؤتمر الصحافي نفسه، إن «هذه الرحلات أظهرت للبلاد أننا نستطيع تخطي الاتحاد السوفياتي على الرغم من تأخرنا عنه، وتنفيذ طلب (الرئيس جون) كينيدي غزو القمر قبل الروس». ويجد رائدا الفضاء السابقان صعوبة في تقبل فكرة أن رواد الفضاء الأميركيين باتوا يعتمدون على صواريخ «سويوز» الروسية لبلوغ محطة الفضاء الدولية منذ أن توقفت المكوكات الأميركية عن العمل في تموز (يوليو) الماضي. وقال غلين: «لم يعد لدينا نظام نقل للذهاب إلى محطتنا الفضائية. علينا أن نعقد اتفاقات مع الروس مهما بدا ذلك غريباً بالنسبة إلى الأمة الأعظم في العالم في مجال غزو الفضاء». واتهم غلين، الذي تولى منصب سيناتور ديموقراطي في واشنطن بين العامين 1974 و1999، إدارةَ الرئيس السابق جورج بوش بالتضحية بطموحات الولاياتالمتحدة في مجال غزو الفضاء، وذلك من خلال الاقتطاع من موازنة الوكالة الأميركية للطيران والفضاء «ناسا». وأضاف: «أجد ذلك مؤسفاً، وآمل أن تنجح الجهود الهادفة إلى إعادة إنشاء نظام نقل خاص بنا». وفي حين تسعى الصين إلى إرسال رواد فضاء إلى القمر، يأسف كاربنتر لرؤية الولاياتالمتحدة «تفقد عزمها». وقال: «عندما كنا أنا وجون نعمل مع الناسا من أجل بلدنا، كانت الولاياتالمتحدة تعتبر أمة قادرة على كل شيء. لكننا أصبحنا بلداً يستحيل فيه كل شيء وهذا مؤسف». وسئل غلين هل خاف عندما قام بالرحلة المدارية الأولى، فأجاب أنه كان يدرك طبعاً أن عمله «ليس الأكثر أماناً في العالم». وختم: «كان ذلك مهماً من أجل البلاد بسبب الحرب الباردة (مع الاتحاد السو فياتي). وكان يعتبر خطوة إلى الأمام وكنا فخورين بتمثيل بلادنا. حاولنا أن نعمل في ظروف آمنة قدر المستطاع».