لا تزال أزمة انقطاع التيار الكهربائي والوقود والمياه تتفاقم في قطاع غزة لليوم الثالث على التوالي، في وقت لا يلوح في الأفق أي حلول لهذه الأزمات وأزمات أخرى تعصف بأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني. وعلى رغم أن عدد ساعات وصل التيار الكهربائي أصبح 6 ساعات منذ الثلثاء الماضي، فإن التيار ينقطع في أحيان كثيرة خلال هذه الفترة بسبب زيادة الأحمال الناجمة عن حاجة «الغزيين». وجاء المنخفض الجوي القطبي الذي ضرب المنطقة اعتباراً من أمس كي يزيد معاناة المواطنين في وقت استمر هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة كثيراً. في هذه الأثناء، عقد المجلس التشريعي جلسة له أمس بحضور نواب كتلة «التغيير والإصلاح» البرلمانية التابعة لحركة «حماس» لمساءلة رئيس سلطة الطاقة التابعة للحكومة في غزة كنعان عبيد عن أسباب الأزمة. وطالب النائب الأول لرئيس المجلس أحمد بحر الدول العربية، وعلى رأسها مصر، بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ قطاع غزة ومئات المرضى من الكارثة التي قد تسببها أزمة الكهرباء نتيجة وقف إمدادات الوقود اللازم لتشغيل المحطة. وحمل بحر الاحتلال المسؤولية عما يتعرض له القطاع من أزمات خانقة بسبب استمرار فرض الحصار عليه. وأكد النواب أن الأزمة «مفتعلة وسياسية وأن مبرراتها كافة غير مقبولة»، وانتقدوا «عدم تحرك سلطة الطاقة أو مخاطبتها المؤسسات الدولية قبل حدوث الأزمة». وقال عبيد رداً على أسئلة النواب إن «المحطة تمر الآن بمرحلة عجز أخرى تزيد نسبتها على نسبة العجز في المراحل السابقة على مدار 6 سنوات نتيجة زيادة الطلب على الطاقة في فصل الشتاء». وأضاف أن «زيادة الطلب مع قلة نسبة الكهرباء أدت إلى حدوث إرباك في توزيع الكهرباء، وبالتالي نقص حصة المواطن منها»، مشيراً إلى أن «الأزمة بدأت منذ 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما بدأت صعوبات دخول السولار (الديزل) عبر مصر». ولفت إلى أنه «منذ ذلك التاريخ تقوم سلطة الطاقة باستنزاف مخزونها من السولار البالغ 18 مليون ليتر لتشغيل المحطة، والذي تم استنزافه بالكامل الثلثاء الماضي، وبالتالي توقفت المحطة بالكامل». وأوضح أن مدة وصل التيار «وصلت الآن إلى 6 ساعات يومياً فقط، وأن تحميل المحولات ووقفها كل 6 ساعات أحدث إرباكات فنية، إذ أن المواطن يشغل كل الأجهزة الكهربائية في هذه الفترة، ما تسبب في ضغط كبير على المحولات». من جهة أخرى، تفاقمت أزمة وقود البنزين والديزل اللازم لتشغيل محركات السيارات ومولدات التيار الكهربائي المنزلية الصغيرة والكبيرة. واصطفت آلاف السيارات في طوابير طويلة أمس أمام عدد قليل من المحطات التي تمكن مالكوها من تهريب كميات من البنزين والديزل، فيما خلت خزانات معظم المحطات الأخرى من الوقود. كما تفاقمت أزمة مياه الشرب بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي، وأصبحت مدة وصل التيار لا تكفي لملء خزانات العمارات والأبراج السكنية المرتفعة. وقال حارس أحد الأبراج الذي يضم نحو 80 شقة ل «الحياة» إن «المياه لم تصل إلى البرج منذ أربعة أيام». كما لا تزال قضية الرسوم الإضافية التي فرضتها حكومة «حماس» على المستوردين تراوح مكانها بسبب رفضهم دفعها. وعلى رغم أن مسؤولاً حكومياً أعلن أن الحكومة تدرس خفض قيمة الرسوم إلى النصف، إلا أن المستوردين والتجار رفضوا ذلك، خصوصاً أن الأسعار ارتفعت في شكل خيالي خلال الأعوام القليلة الماضية. وعزا هؤلاء رفضهم إلى أنهم لا يقبلون رفع أسعار السلع المشمولة بقرار فرض الرسوم لأن زيادة الأسعار ستضيف أعباء إضافية على المواطنين، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود والفقراء، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي الظالم المفروض على القطاع إلى نحو 60 في المئة. ونفى تجار ومستوردون في أحاديث منفصلة ل «الحياة» أن تكون الخضار المجمدة والمعلبات وزيت الزيتون ومياه الشرب والملابس سلعاً كمالية، كما جاء في قرار حكومة «حماس»، بل أساسية ويعتمد عليها كثير من الفقراء. وتساءلوا: «كيف يتم فرض رسوم قيمتها خمسة شواكل على كل قطعة ملابس أطفال لا يزيد سعر بعضها على خمسة شواكل، وأن يتم فرض رسوم قيمتها أربعة شواكل على كل كيلوغرام من القهوة ليصبح سعر الكيلوغرام 60 شيكلاً» أي ما يعادل أكثر من 16 دولاراً. ويشكو «الغزيون» من تراجع مستوى الدخل وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والارتفاع الفاحش في الأسعار، فضلاً عن المشاكل الأخرى المتمثلة برداءة خدمات الكهرباء، والمياه، وسوء خدمات الاتصالات الخليوية والإنترنت. ويرى كثيرون منهم أن حكومة «حماس» انشغلت في العام الأخير بفرض ضرائب ورسوم «باهظة» عليهم فوصفوها بأنها «سلطة جباية» أكثر منها حكومة تعمل على تقديم خدمات للمواطنين وتحفظ أمنهم.